أحمد المغلوث
كم هو جميل أن تأخذ مؤسسة عملاقة كمسك الخيرية على عاتقها توظيف العديد من المبادرات الخلاقة والتي تهتم وتعنى بالإبداع في الداخل أم الخارج. لقد سعدت بمشاهدتي يوم الأربعاء الماضي معرض «رحلة مع معرض تاريخ المستقبل» والذي ضم مجموعة من أعمال نخبه من الفنانين والفنانات السعوديين والعرب والأجانب. الأسماء كثيرة لا مجال لذكرها هنا ولكن ومن خلال جولتي في المعرض لفت اهتمامي كون المعرض يعزز من الأعمال الفنية «المفاهيمية» هذا الفن الذي يتيح لكل من لديه القدرة على التعبير عما يدور في ذهنه أو خلده من أفكار أكانت مكونات شكلية أو مرئية مهما كان نوعها فعليه أن يسارع في تقديمها كعملٍ فنيٍّ منفردٍ أو ضمن مجموعة من أفكار مختلفه على أن تتجاوز تجاوز الواقع وحتى المنطق لينطلق معاً الفنان وأفكاره وليحلق بها عالياً في سقف قاعات العرض أو حتى تعلق على الجدران..
ولاشك أن الفن المفاهيمي وحسب ما وثقته كتب ودراسات الفن التاريخية المختلفة. جسدت ميولاً مختلفة ومتعددة الأفكار بعضها بسيط جدا الى درجة أن ما يقدمه طفلك الصغير خلال لحظات «الحبو» تلك الحظات التي لايمكن أن تنسى وجسدت بالتالي حركاته العفوية وهو يتطوح ويهتز جسده ذات اليمين وذات الشمال ووالدته تردد سعيدة : حبا حبا وكلمات لاتعد ولاتحصى. لكنها اعتبرت ومن خلال ما وثقته الصور. حركات تنبىء بالمستقبل والسير قريبا..
وأذكر أنني زمن القراءات في كتب الفن كانت أعمالاً عديدة قد رفضت في العديد من المعارض الفنية في أوروبا وأمريكا.بل ولقد سخر الفنان «نورمل ركول» من خلال إحدى لوحاته الشهيرة والتي كانت تسخر من لوحات جاكسون بلوك. التجريدية المشبعة بالنقاط المرشوشة ورجل يقف أمامها بكامل أناقته ويديه خلفه وهو ممسك بعصاه وقبعته وكأنه يتساءل عما تعنيه هذه اللوحة, وفي التسعينيات الهجرية وأقولها بتواضع رفض أحد الزملاء المشرفين على اللجنه التشكيلية قبول بعض من لوحاتي التي كانت تستشرف رؤيتي المتواضعة لبعض الأفكار. ومازال بعضها موجوداً في مستودع مرسمي.. وعندما عرضت لوحة «رؤية خشبية» في أول معرض للرواد عام 1398هـ كتبت عنها مجلة الفيصل دراسة نقديه ودارس الفن ربما يذكر جيداً مواقف بعض نقاد الفن وما أكثرهم الذين راحوا يثرون المجلات النقدية بكتاباتهم التحليلية لما عرض من أعمال خاصة كونها تختلف كثيراً.
إن الأساليب الجديدة كالانطباعية والتعبيرية والتجريدية والدادئية والسريالية والتكعيبية والطليعية. ولايهم المشاهد الذواق للعملية الفنية والذي سبر بعمق ماتعنيه اللوحة أو المنحوتة أو أي عمل فني يحمل فكرة ورسالة أوحتى مكان عرضها في هذا المعرض أو ذاك أكان ذلك في الداخل أوالخارج من أعمال ربما لاتعجبه ولكنها ترمي حجراً في أعماق فكره لتحرك مافي داخله من تساؤلات ربما يخجل أن يطرحها علناً أو حتى لمن يثق فيه.
فهناك مقولة «ليس كل مايعرف يقال» أو كما قالها المبدع «فايز التوش في مسلسه: أخاف يزعلوووون» لكننا في زمن الرؤية وعلينا تقبل كل جديد وتجديد من أعمال فنية. وعلينا جميعاً أن تتسع صدورنا لكل فكرة تخدم حراكنا التشكيلي والإبداعي المبارك من هذه المؤسسة العملاقة «مسك الخيرية» التي والحق يقال لم تكتفِ بخدمة وتشجيع الإبداع السعودي فحسب وإنما امتدت يدها الكريمة والمعطاءة لخارج الوطن.. فهي تحفز وتشجع وتعطي.. شكراً سيدي ولي عهدنا الهمام الذي جعل الوطن في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان. وطناً مختلفاً وتحية لمن يعمل في مسك ومعهد مسك الذين يعملون في صمت وهم يحتضنون الفن والإبداع والثقافة. شكراً وطني..