سهوب بغدادي
فيما نشهد الصراع الصيني -الأمريكي حول تطبيق تيك توك، والادعاءات الأمريكية حول تأثير التطبيق سلبيًا على الأجهزة الفيدرالية والحكومة بشكل عام، نتساءل عما إذا كان التطبيق بعينه سيئ، خاصةً مع صعود الوسوم على منصة تويتر محليًا وعالميًا الداعية لإزالة التطبيق وحظره، سواء لعشوائية المحتوى وعدم تقنينه، أو لصعوبة الرقابة على محتويات البث المباشر والذي يحتوي عددًا من المخالفات الأخلاقية المنافية للمبادئ بهدف الصعود للترند والكسب الوفير والهين اليسير للمال، لذلك عندما نرى مجموعة من اليافعين متأثرين بهذه الثقافة لا نستغرب لأنها تحمل في طياتها ملامح الرفاهية والشهرة ومحبة الجماهير والدعم اللامتناهي منهم، وأبسط أماني الجيل الجديد أن يصبحوا مشهورين، فمن كل ما سبق هل تعتقد عزيزي القارئ أن حظر التيك توك مهم؟ سأقوم بالإجابة بعد هذه القصة القصيرة، كنت في أحد الأماكن العامة برفقة طفلتين في نهاية المرحلة الابتدائية، عندما بدأتا الحديث عن رغبتهما في مقاطعة زميلة مشتركة، وعند سؤالي لهما قالتا «ليس هناك توافق بيننا»، ومع إصراري على معرفة السبب قالتا «هي تفعل أمورًا ليست إسلامية»! فقلت هل هي تطلع على السحر الأسود والشعوذة؟ وأنا أدعو الله أن يحميهم جميعًا ويلطف ويرأف بهذا الجيل المنفتح رقميًا على العالم، فقالتا «كلا»، ففهمت من الوصف المتحفظ أن الفتاة تمتلك تطبيقًا للمواعدة، وآخر للإباحية وبذلك بدأت بتنمية سلوك مثلي وبدورها تريد مشاركته مع مثيلاتها في المدرسة، لذا فضلت الطفلتان الابتعاد عنها، إلى جانب تيك توك وتطبيق لم أحفظ اسمه للمحادثة المرئية مع مجهول حول الأديان وأغلب الأحاديث تتضمن الإلحاد واللادينية -للأسف- وهم في هذا العمر المبكر. بالتأكيد، تصنعت الثبات ورد الفعل العادي، وغلفت نصائحي على شكل قصص وأحاديث جانبية، يا إلهي! لكم أن تتخيلوا الدور المفصلي الذي يقع على عاتق المربي أولًا والمدرسة ثانيًا والمعلم فوق ذلك كله.
وبالعودة إلى إجابة السؤال الذي يقتضي حظر تيك توك، كلا لا تحظروه، في ظل تواجد الأدهى منه مثل التطبيقات التي أساسها الترويج لثقافة المواعدة السريعة والإلحاد والمثلية، فالتيك توك يأتي على غرار التطبيقات الأخرى المعتادة تويتر وانستجرام وفيسبوك وسناب شات، فكلها تحوي مواد مخالفة بل ينتشر المقطع لحظيًا فيما بينها وينتشر، فالمعيار الأهم هو نشر الوعي وتدريس الطفل فعلاً وتعليمه ما يفعل وما لا يفعل في حال تعرض لمحتوى في مجال معين، إنه واجب على المربي والمعلم والمدرسة بالتآزر لتحقيق الأمن والأمان لشباب الغد من الهجوم السيبراني الذي يستهدف الفكر والعقول، من خلال نشر المعلومات الحقة عن كل الملفات البارزة اجتماعيًا وتخصيص مادة أو حصة في كل أسبوع بما يتوافق مع كل مرحلة عمرية لطرح هذه الأفكار ومعالجتها وطرق الوقاية المقترحة.
في ختام الكلام، كنت خائفة على الأطفال ولكن ما رأيت وسمعت من وعي فيما يتعلق بالمواضيع العالمية السابقة جعلني أقل خوفًا وأكثر فخرًا واعتزازًا بالعائلة التي ربت وأعطت الثقة وسلحت بالوعي لمجابهة ما لا يمكن تجنبه وتلافيه. أسأل الله أن يحمينا ويحمي أبناءنا وبناتنا.