صيغة الشمري
بعد 15 عاماً على أكبر انهيار مصرفي في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية المتمثل في انهيار بنك واشنطن ميوتشوال، يكرر التاريخ نفسه بانهيار بنك سيليكون فالي، أحد أكبر البنوك الأمريكية وشريان حياة قطاع ريادة الأعمال والشركات الناشئة التقنية والطبية في العالم.
أزمة سيليكون فالي حلت ضيفة شرف على فعاليات مؤتمر القطاع المالي الذي انعقد الأربعاء في الرياض، فكانت حديث بعض الجلسات الرئيسة والجانبية وسط تساؤلات عن تداعيات إفلاس البنك على القطاع المصرفي العالمي بعدما أحدث حالة ذعر وصدمة خشية تكرار أزمة عام 2008 وانتقال العدوى لباقي المؤسسات المالية حول العالم.
البنك الذي أضاع 40 عاماً من الخدمة المصرفية خلال 48 ساعة فقط، كان يتباهى بتصنيفه واحداً من أفضل البنوك الأمريكية للعام الخامس على التوالي وترشيحه لقائمة أفضل المؤسسات المالية في قائمة فوربس السنوية قبل أيام قليلة على انهياره الدراماتيكي، ليكون ثاني أكبر انهيار مصرفي في تاريخ الولايات المتحدة، وكأن من يدير البنك لم يكن يعلم أن السنوات الخمس التي يتباهى بها كانت سببا بنهايته المأساوية.
في تلك السنوات الخمس شهد البنك طفرة في حجم الودائع من نحو 60 مليار دولار في 2019 إلى 189 مليار دولار، مصدرها كان من نوعية واحدة من العملاء تمثل الشركات الناشئة والريادية التي كانت تشهد فائضاً في التمويل، فتراجع الطلب على القروض وارتفعت بالمقابل الودائع ولأن البنوك تعتمد في ربحها على الفارق بين فوائد القروض وفوائد الودائع تعرض البنك لعجز في السيولة دفعته لطرح سندات حكومية للبيع بأقل من سعرها ما دفع المودعين للشعور بالقلق فهروعوا لسحب ودائعهم ما أدى لانهيار البنك وما تبعه من انهيارات بنوك صغيرة على وقع القلق الذي عم باقي المودعين.
ما يعنينا فيما سبق كله انعكاس هذا الانهيار على القطاع المصرفي السعودي، لكن تصريحات محافظ البنك المركزي أيمن السياري لقناة العربية بثت رسائل مطمئنة حول الملاءة والاستقرار والسيولة المالية للقطاع المصرفي السعودي، وتأكيده على أن البنوك السعودية غير مكشوفة على البنوك المنهارة. وجاء حديث وزير المالية محمد الجدعان المطمئن خلال مشاركته في المؤتمر على استقرار النظام المالي السعودي بما يملكه من ملاءة مالية ومرونة تحميه من الصدمات والأزمات المالية في ذات السياق.
وبتقديري الشخصي أجد أن القلق الذي رافق انهيار سيليكون فالي مبالغ فيه، إذ إن الظروف التي مهدت ورافقت إفلاس البنك الأمريكي لا تشبه أزمة بنك واشنطن ميوتشوال، كما أن تأثيرها في الاقتصادات العالمية لن يكون بذات الأثر الذي أحدثته أزمة 2008، خاصة إذا ما نظرنا إلى الإجراءات والسياسات المصرفية الحصيفة التي يتبعها البنك المركزي السعودي.