بفضل من الله تمكنت كافة الطيور بشتى أنواعها وأشكالها أن تسود أقطار المعمورة في الجو والبر والبحر وذلك بفضل من الله سبحانه وتعالى فقد نشأت بينها وبين الإنسان القديم علاقة وطيدة منذ الأزل ويمكننا أن نتعرف على تلك العلاقة القديمة من خلال الرسوم والنقوش التي تركها الإنسان ما قبل الحضارة على جدران الكهوف الموجودة في جنوب أوروبا والصحراء الكبرى في شمال إفريقيا والتي يرجع تاريخها إلى أكثر من 10000 سنة.
لقد كانت الطيور حليفاً طبيعياً ورفيقاً للإنسان القديم طعامه ومرشده للماء والنار وحارسه من الأخطار وما زالت تلك الطيور رمزاً للمحبه والرحمة والسلام علاوة على دورها المهم في تطوير العلوم والفنون والاختراعات وفي جوانب من الحياة العلمية والثقافية والاجتماعية, ولعل من أهم ما يرفع شأن تلك الطيور هو ذكرها في الكتب السماوية الثلاثة القرآن الكريم، التوراة، الإنجيل ففي القرآن الكريم - رفع الله شأن الطيور بقوله جل وعلا {وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ} سورة الأنعام آية (38).
وفي التوراة قادت ابن آدم إلى المعرفة وفي الإنجيل حملت له صوت السماء. وقد ارتبطت الطيور في كتاب الله الكريم بقصص عديدة منها قصة الغراب الذي بعثه الله تعالى لابن آدم ليريه كيف يواري سوأة أخيه والطيور التي ذبحها إبراهيم عليه السلام وفرقها على قمم الجبال وبعثها الله من الموت، والهدهد الذي أطلع سيدنا سليمان على نبأ سبأ.
وفي القصص التاريخية احتلت الطيور مكانة بارزة كقصة الحمامة التي بنت عشها على باب الغار حيث اختبأ نبي الرحمة مُحمد بن عبد الله صلوات الله وسلامه عليه وصاحبه أبو بكر الصِدِيق رضي الله عنه وقصة الحمامة التي حملت غصن الزيتون إلى سيدنا نوح عليه السلام بعد الفيضان.
وقد كان لهذه القصص التاريخية في كتاب الله الكريم أثر بارز في تعزيز الإيمان بالخالق عزوجل وإبراز العديد والعديد من المعاني السامية والأهداف النبيلة - لقد تعرف المرء من عالم الطيور على العديد من الأفكار العلمية والثقافية والفنية وكانت له المثل الأعلى والقدوة الحسنة، ففي الفنِ التشكيلي عبرت الطيور على تطلع الإنسان إلى الحرِية وفي الشعر كانت المثل الذي يحتذى به للوصول إلى الكمال، وفي المسرح عبرت عن أحاسيس الإنسان الحديث، وفي الحركة تعلم الإنسان من الطيور التحليق والرشاقة وفي القصة تعلم الإنسان منها الحكمة والمنطق.
أما في الأمثال الشعبية فكانت الطيور عنصرها الأساس ورمزها المعبر عن واقع الحياة ومنطقها. حيث إن الطيور تشكل مصدراً مهماً للبروتين الحيواني، ورمزاً لمعاني المحبة والوفاء والرقة التي ألهمت الشاعر والعالم والفنان فقد استخدم المرء طائر الببغاء وكذلك الطيور المغردة في الأقفاص للزينة والتسلية وجلب الصقور لرياضه الصيد والنعامة للسباق كما استخدم الحمام الزاجل لنقل الرسائل البريدية من مكان إلى مكان في أيام السلم والحرب وفي أوقات الكوارث والشدائد.
حيث تتغذى الطيور الجارحة أمثال النسور والصقور على القوارض التي تعد من ألد أعداء المحاصيل الزراعية والإنسان فقد تعلم الإنسان من الطيور والعناكب طريقة غزل وحياكة المنازل والأكواخ وقد اعتمد المرء في الزمن الماضي على التعرف على حالة الطقس وقدوم العواصف البحرية على سلوك الطيور وبالأخص طائر النورس والبلشون - إن الطيور اليوم تواجه أخطاراً عديدة معظمها من صنع الإنسان.
والله الموفق