د.عبدالعزيز بن سعود العمر
ليس هناك من ينفي أن توفر المال الكافي سوف يسهم في رفع وتحسين جودة التعليم، ولكن من المؤكد أن هناك من ينفي أن مجرد توفر المال سوف يعزز من فرص تطوير التعليم. وهنا لا بد أن أوكد أن عدم توفر المال الكافي قد يعوض جزءًا من نقصه توفر الفكر التربوي التطويري المتقدم. وأذكر في هذا الشأن أن طلاب دولة فقيرة مثل غانا حققوا إنجازاً تعليمياً يفوق ما حققه طلاب دولة غنية مثل جنوب إفريقيا. أما على المستوى المحلي فقد مر على تعليمنا في العقود الماضية سنوات سمان ماديًّا، فقد كان تعليمنا يحصل على تمويل يسيل له لعاب أي نظام تعليمي في الدنيا، ومع ذلك لم نلحظ -كآباء ومهتمين بالشأن التربوي- تطوراً ملحوظاً في مستوى أداء تعليمنا (مقياسًا بحدوث تقدم نوعي وكمي في إنجازات طلابنا كأحد أهم مؤشرات تطور التعليم). هنا قد يثور السؤال الكبير التالي: لماذا لم يظهر فيما مضى أثر تصاعد ميزانيات التعليم على جودته؟، ثم كيف كان يوظف المال لخدمة التعليم؟ في تصوري الشخصي أن تبدل المشروعات التربوية والتراجع عن بعضها قد يكون سبباً في غياب أثر المال التعليمي، يضاف إلى ذلك عدم قدرة قادة المشروعات التعليمية على تحويل استراتيجيات وخطط تطوير التعليم إلى برامج تعليمية قابلة للتنفيذ، أذكر في هذا الصدد أن مشروعاً تعليمياً تم إقراره على مستوى مدارس المملكة قبل عدة سنوات، وأتذكر أن هذا المشروع تطلب تجهيز مختبرات علمية متقدمة، بل أذكر أن مختبر أحد المقررات (ميكانيكا الموائع) كلف مبالغ باهظة، ولكن للأسف بعد فترة قصيرة من الزمن تم التراجع عن المشروع. ومما قد يكون أسهم في عدم الاستفادة من المال بصورة فعالة في تطوير التعليم ضعف آليات المحاسبة والمساءلة عن أي إنفاق تعليمي أو عن تواضع مؤشرات التعليم.