بدر بن عبدالمحسن المقحم
في تطور لافت لكل المراقبين جرى الإعلان في عاصمة الصين (بكين) عن توقيع اتفاقية بين الجانبين السعودي والإيراني، وذلك يوم الجمعة 18-8-1444 هجرية الموافق 10-3-2023 ميلادية، حيث تضمن الاتفاق والذي تم برعاية صينية على العمل باستئناف العلاقات الدبلوماسية بين المملكة وإيران وإعادة فتح سفارتيهما وممثلياتهما خلال مدة أقصاها شهران، وتأكيدهما على احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، كما اتفقا أن يعقد وزيرا الخارجية في البلدين اجتماعاً لتفعيل ذلك وترتيب تبادل السفراء ومناقشة سبل تعزيز العلاقات بينهما، والمضي قدماً بتفعيل اتفاقية التعاون الأمني بينهما، الموقعة في 22-1-1422هـ، الموافق 17-4-2001م والاتفاقية العامة للتعاون في مجال الاقتصاد والتجارة والاستثمار والتقنية والعلوم والثقافة والرياضة والشباب، الموقعة بتاريخ 2-2-1419هـ الموافق 27-5-1998م، مع إعراب كل الدول الثلاث عن حرصها على بذل كل الجهود لتعزيز السلم والأمن الإقليمي والدولي. وبالنظر إلى هذا الاتفاق ودلالاته فإنه يشير إلى حرص المملكة على السلام واستقرار المنطقة، وقطع الطريق على من يريد إشعال الحرائق أو زيادة حدة التوترات في المنطقة، وإرسال رسالة لكل الدول المحبة للسلام في أن المملكة من دعاة رفع غصن الزيتون، وأنها تبذل قصارى جهدها على تغليب مصالح الشعوب وازدهارها وكهدف من أهدافها السامية، كما أن المملكة تسعى جاهدة إلى حلحلة الأزمات والقضايا السياسية بلغة الحوار وعبر القنوات الدبلوماسية.
أما من جهة الجارة إيران فإنها من الأهمية بمكان أن تكسب المملكة كلاعب رئيسي في المنطقة، وتركز إمكاناتها على إعلاء قيمة التعاون الإيجابي في مختلف المجالات بدلاً من إثارة الفتن والتدخلات في الشؤون الداخلية للدول وبالذات جيرانها، وأن تستثمر فرصة تقاربها مع المملكة لتحسين صورتها الخارجية. أما الدولة الراعية وهي الصين فإنها ومن خلال دورها في تقريب وجهات النظر والتوصل لمثل هذا الاتفاق بين بلدين بحجم المملكة وإيران، فإنها (أي الصين) يوفر لها هذا الاتفاق دورًا في تكريس حضورها السياسي والاقتصادي (بصفتها دولة عظمى) في منطقة من أهم المناطق حيوية في العالم، ويعطيها أيضاً الفضاء الاقتصادي الآمن والمضمون لنجاح مبادرتها المعنونة بمبادرة الحزام والطريق الذي سيربطها بآسيا الوسطى وصولاً إلى أوروبا وعبر مسارات برية وبحرية متعددة، والتأكيد على أن الصين دولة سلام وتهدف إلى تحقيقه وهو ما سيسهم في رفع أسهمها على الساحة الدولية باعتبار أن دورها في هذا الاتفاق يعزز من موثوقيتها الدولية ويبرز مدى حسن نواياها تجاه المجتمع الدولي وبما يحقق في تنمية الشعوب وتقدمها بوجه عام وشعوب المنطقة العربية بوجه خاص.