إن العلم الوطني رمزٌ للدولة، وقوتها وسيادتها، وله أهمية بالغة كونه، يمثل التلاحم والائتلاف والوحدة الوطنية في المجتمع السعودي.
وقد كان يوم 27 ذي الحجة 1355هـ الموافق 11 مارس 1937م، هو اليوم الذي أقر فيه الملك عبد العزيز - طيب الله ثراه - العلم بشكله الذي نراه اليوم يرفرف بدلالاته العظيمة التي تشير إلى الوحدة والقوة والنماء والرخاء. ويتميز العلم السعودي بأنه الوحيد في العالم الذي لا يُنكَّس أو ينزل في الحداد أو الكوارث والأحداث الكبيرة التي تعبر عن موقف الدولة في المراسم الدولية.
وتتويجاً لأهمية العلم ومحتواه جاء القرار الحكيم من لدن سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله، وأصدر الأمر الملكي أ/ 303 بتاريخ 9-8-1444هـ أن يكون يوم (11 مارس) من كل عام يوماً خاصاً بالعلم، باسم (يوم العلم) ليرسخ في جميع نفوس المجتمع السعودي الوفي، ويتذكرون عبر العصور المجد العظيم الذي تم على مدى ثلاثة قرون من الكفاح والتضحيات والجهد المضني في تحقيق وحدة البلاد والأمن والأمان والنماء.
وإن هذا العلم بلونه الأخضر ليس رمزاً فحسب، بل راية لحملات البلاد وتوحيدها التي خاضتها الدولة السعودية، فهو راية للعز لكل مواطن ترفرف شامخةً لا تُنكّس أبداً، لرفعتها ومكانتها كونها تحمل عبارة التوحيد.
وإن هذا العلم الفريد المميز قد مر بمراحل تطوير مختلفة، بما يتناسب مع متطلبات الدولة عبر أدوارها الثلاثة إلى أن وصل مرحلة الاستقرار على ما نراه عليه الآن.
وبتعريج على هذه المراحل بشكل تاريخي، فإن العلم السعودي عام 1163هـ/ 1750م، عندما كان يرمز إلى الدولة السعودية الأولى والثانية في كل من الدرعية والرياض، حيث صمم العلم في ذلك الوقت بشكل مستطيل وذي قاعدة خضراء داكنة تتوسطه كلمة التوحيد، لا إله إلا الله محمد رسول الله مكتوبة باللون الأبيض، وظل العلم بهذا الشكل حتى عام 1233هـ/ 1818م.
وفي الدولة السعودية الثالثة بعد استرداد الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود الرياض عام 1319هـ/ 1902م، وانضمام العديد من المناطق على يد الملك عبد العزيز - رحمه الله - في نجد والحجاز، حدث تطور في العلم السعودي حيث كتبت كلمة لا إله إلا الله بخط أكبر على المساحة الخضراء، وأصبح الجزء الأبيض الطولي موجوداً إلى يمين العلم، كما أضيفت علامة السيف باللون الأبيض أسفل كلمة التوحيد في شكله المستطيل المميز.
وفي المرحلة النهائية من توحيد البلاد طرأت على العلم تغيراتٌ جديدةٌ، إذ صارت أرضية العلم خضراء بالكامل، وكُتبت عليها علامة التوحيد بخطٍّ أبيض كبير، ووضعت تحتها علامة السيف المسلول، والذي اتصلت نهايته ببداية كلمة التوحيد، واعتمدته الدولة بوضعه القائم رمزاً للمملكة العربية السعودية محلياً وإقليمياً وفي المحافل الدولية. وحمل هذا التغيير والتطوير بين طياته حكمة في المعنى، وعلامة بصرية تدل على القوة والوحدة.
والعلم في وضعه الحالي ذو مواصفات بأنه مستطيل الشكل، عرضه يساوي ثلثي طوله، لونه أخضر ممتد من السارية إلى نهاية العلم، تتوسّطه شهادة لا إله إلا الله محمد رسول الله، وسيف مسلول تحتها وموازٍ لها، تتجه قبضته إلى القسم الأدنى من العلم، وترسم الشهادة والسيف باللون الأبيض وبصورة واضحة من الجانبين. كما أن مساحة رسم الشهادة والسيف تساوي: عرضًا مسافة عرض القسمين الأعلى والأدنى من العلم، وطولًا: مسافة عرض القسمين الأيمن والأيسر من العلم، ورسمت الشهادة بخط الثلث وقاعدة في منتصف مسافة عرض رسم الشهادة والسيف، المرسوم بطول يساوي ثلاثة أرباع طول رسم الشهادة وعلى مسافة متساوية من الجانبين.
وقد حرص قادة الدولة على العناية الفائقة بتنظيم شؤون العلم الوطني وذلك من خلال ما أصدروه من قرارات وأنظمة خاصة بالعلم تتمثل فيما يأتي:
أولاً: نظام رفع العلم الذي أصدره الملك عبد العزيز - رحمه الله - بالأمر السامي الكريم رقم 1/ 4/ 7 وتاريخ 12-1-1357هـ الموافق 13-3-1938م، ونشر في الجريدة الرسمية.
ثانياً: نظام علم المملكة العربية السعودية الصادر في عهد الملك فيصل بن عبدالعزيز - رحمه الله - بالمرسوم الملكي رقم: م/ 3 وتاريخ 10-2-1973م، وقد شمل القسم الأول من النظام وصف العلم الوطني وحدد القسم الثاني الأصول المتعلقة برفع العلم، وتناول القسم الثالث العقوبات التي تطبق على من يسيئ استخدامه، أما القسم الرابع فاحتوى على الأحكام العامة.
ثالثاً: اللائحة التنظيمية لنظام العلم الصادر برقم 7/س 12351 وتاريخ 26-5-1398هـ.
رابعاً: اللائحة التنفيذية لنظام العلم الذي أصدره صاحب السمو الملكي وزير الداخلية بالقرار رقم 2206 وتريخ 16-8-1408هـ بموجب المادة الثانية والعشرين من نظام العلم الصادر بالمرسوم الملكي رقم: م/ 3 في تاريخ 10-2-1393هـ.
وفي الختام وتعزيزاً ليوم العلم ورمزيته، فإن الوفاء في وجدان أبناء وبنات وطني الغالي والعزيز، يجعل هذا اليوم ليس حدثاً عابراً، بل استحضار لأقصى مستوى المسؤولية في الانتماء والاعتزاز بالوطن وتاريخه والحفاظ بكل قوة على مكانته وقيمته التاريخية والمعاصرة ومكتسباته لفضائل هذا الوطن الذي وضع الإنسان السعودي في مصاف الدول العريقة، ومواكبة للنظام الدولي وانفتاح على مختلف دول العالم.
واعتزازاً في هذه المناسبة المتعاظمة في قلبي وقلب كل السعوديين أرفع التهاني والتبريكات إلى مقام سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وسيدي ولي عهد الأمين الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله - بهذه المناسبة الغالية على نفوسنا جميعاً ونحن ننعم بالأمن والأمان والخير العظيم والرخاء الممتد والتطور في شتى المجالات لبلادنا الغالية المملكة العربية السعودية، بالتوجيهات الحكيمة من لدن قائد هذه البلاد وبتنفيذ من سيدي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الذي صنع علامة فارقة في التطوير والتحديث على الأصعدة السياسية والاقتصادية والعسكرية والاجتماعية والثقافية مجسدة برؤية سموه 2030.
وأسأل الله العظيم رب العرش الكريم، أن يحفظ ولاة أمرنا، ووطننا الغالي من كل سوء ومكروه، وأن يديم علينا نعمه، إنه وليُّ ذلك والقادر عليه.
** **
- د. سعد بن سعيد القرني