مريم بنت عبيد
هل تعلم أن تلك الكلمات الأخف وطأة حين تسقط على أرضية السطر تكون قد كُتِبَتْ آلاف المرات قبل أنْ تُرسَلَ؟
لا أعرف حقاً إلى أي مدى سوف تمنحني الحياة صلابة الورق في كل هذا الذي نكتبه، أو إلى أي عمق سوف نصل حتى نكون قد فرغ الحبر من القلم، واختنق السطر على منصة الكلمات!
لم أعتد أن أجلس مكتوفة القلم، وكأن الأمر أشبه بمزحة بأن تدمن جر حبرك وكأنك تجر حفارة حين تصبح الكتابة عصية على التمدد.
إنني لأتعجب كيف أستطيع التخلص من طبقات الضجر، والغبار المتراكم فوق سطح ذاكرتي دون أن أحدث صدامًا بين الضوء المنبعث من ثقب الروح، وبين جيش من الهزائم؟!
أتعلم أن هناك أشياء يصعب التحدث عنها، وعندما يحدث هذا نتركها تلتصق على صفيح مخيلاتنا، أو أن نلقي بها في أدراج أرواحنا؛ لتتكاثر وتغير ملامحنا دون أن نشعر؟!
كيف بإمكاني أن أفسر لك كل هذه الأشياء المتعاكسة، والتضاد الذي يقبع فوقنا وأنا أقف لا أتكئ إلا بظلي الذي ترسمه أشعة الشمس حين تكون السماء بزرقة البحر؟!
وكيف بإمكاني أن أشرح لك عندما لا أستطيع أن أكتب سطراً ينوب عن حديث ملامحي حين تكتظ بملايين التعابير، وتعجز مجامع الكتب عن تفسير الشعور الذي يعتريني كلما انسكب الصمت، وتبعثرت الكلمات؟!
إنني لأعجز عن تذكر تلك اللحظات التي أوشكتُ فيها على السقوط من على شرفة صيفية، وعندما أشرع في الحديث عنها معك فإنني أحتاج إلى أن أنسق كلماتي؛ حتى تخرج على مقاس قلمك المرصع بالأبجدية.