سَارِعِي لِلْمَجْدِ وَالْعَلْيَاء
مَجِّدِي لِخَالِقِ السَّمَاء
وَارْفَعِي الخَفَّاقَ أَخْضَرْ
يَحْمِلُ النُّورَ الْمُسَطَّرْ
رَدّدِي اللهُ أكْبَر يَا مَوْطِنِي
مَوْطِنِي عِشْتَ فَخْرَ الْمُسلِمِين
عَاشَ الْمَلِكْ لِلْعَلَمْ وَالْوَطَنْ
منذ صغري وأنا اسمع هذا النشيد الوطني فيخفق له قلبي.. كنت أعلم أن الخفاق الأخضر هو العلم السعودي وذلك بسبب مشاهدتي لصورته في التلفاز؛ لكن ما هو تاريخه وكيف تطور تساؤلات كنت أجهلها لصغر سني حينها..
لكن بعد دراستي العليا في قسم التاريخ تطلعت النفس نحو البحث للإجابة عن هذه التساؤلات، حتى صدر قرار الملك سلمان بن عبد العزيز -حفظه الله - هنا عزمت على كتابة هذا مقال.
بدأت قصة العلم السعودي مع تأسيس الدولة السعودية الأولى عام 1139هـ/ 1727م ومر بعد مراحل تطور حتى أصبح بشكل الذي نراه اليوم.
(يوم العلم) يعد إحدى المناسبات الوطنية الذي وجّه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود - حفظه الله - بالاحتفاء به في 11 مارس من كل عام؛ وذلك موافقاً لليوم الذي أقره مؤسس الدولة السعودية الثالثة الملك عبد العزيز آل سعود -طيب الله ثراه- في 27-12-1355هـ الموافق 11-3-1937م حول العلم السعودي الذي نراه اليوم يرفرف بدلالاته العظيمة التي تشير إلى التوحيد والعدل والقوة والنماء والرخاء. ومن الأسماء التي حملها العلم السعودي الراية، والبيرق، واللواء.
نبذة تاريخية عن العلم السعودي
العلم السعودي متوارث منذ قيام الدولة السعودية الأولى عند تأسيسها على يد الإمام محمد بن سعود عام 1139هـ الموافق 1727م؛ وكان العلم قد نسج من الخز ّوالإبريسم باللون الأخضر مكتوب عليها كلمة التوحيد (لا إله إلا الله محمد رسول الله).
وفى دولة السعودية الثانية لم يحدث أي تغير فيها حتى بداية عصر الدولة السعودية الثالثة.
وفي الدولة السعودية الثالثة فقد حدث تغير بسيط في بداية عهد الملك عبد العزيز آل سعود -طيب الله ثراه -، حيث تحول شكل العلم من مربع إلى مستطيل مخيط بجزء أبيض ويتوسطهما كلمة التوحيد مكتوبة على سطرين متتاليين؛ يعلوهما سيفان متقاطعان؛ لكن بعد سنوات تم إلغاء السيفين المتقاطعين وأصبح سيفاً واحداً في الأعلى؛ فوق شهادة التوحيد ثم عدلت ليكون السيف في الأسفل؛ وكتب تحته (نصر من الله وفتح قريب) واستمرت هذا العلم حتى عام 1344هـ/1926م، بعد دخول الحجاز تحت حكم الملك عبد العزيز آل سعود؛ أصبح شكل العلم السعودي مستطيلاً، ولونه أخضر إلا جزءاً قليلاً أبيض يلي السارية، ويتوسط العلم كلمة التوحيد مكتوبة باللون الأبيض، وأزيل السيف؛ لكن لم يلبث حتى أضيف السيف مرة أخرى يعلوه عبارة (لا إله إلا الله؛ محمد رسول الله). وقد يعتقد البعض أن مصمم العلم السعودي حافظ وهبه، ولكن الصحيح والثابت تاريخياً العلم السعودي متطور منذ أيام الدولة السعودية الأولى ثم أعده مجلس الشورى بشكله الحالي وأقرّه الملك عبد العزيز في تاريخ 27-12-1355هـ الموافق 11-3-1937م والذي صدر فيه القرار الملكي الخاص بـ (العلم السعودي).
وفي عهد الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود استحدث (علم الملك الخاص) وفقاً للأمر الملكي رقم م/ 3 في تاريخ 10-2-1393هـ الذي نشرته صحيفة أم القرى في عدها الصادر رقم (2464) وتاريخ 18-2-1393هـ، وهو يتكون من العلم السعودي مضافاً إليه شعار المملكة العربية السعودية (السيفان المتقاطعان تعلوهما نخلة باللون الذهبي على العلم في الركن الأيمن السفلي ويطرز بخيوط حريرية مذهبة).
وفى عام 1412هـ/ 1993م نص النظام الأساسي للحكم الصادر بالأمر الملكي رقم أ/ 90 في تاريخ 27-8-1412هـ من قبل خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله - في مادته الثالثة على أن يكون علم المملكة العربية السعودية كالآتي: لونه أخضر، وعرضه يساوى ثلثي طوله وتتوسطه كلمة (لا إله إلا الله؛ محمد رسول الله، وتحتها سيف مسلول) ولا ينكس أبداً.
وفي عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود -حفظه الله - صدر أمر ملكي في يوم 9-8-1444هـ الموافق 1-3-2023م؛ رقم أ/ 303؛ يقضى بأن يكون يوم (11) مارس من كل عام يوماً خاصاً بالعلم باسم (يوم العلم) وقد عكس الأمر الملكي الأخير اهتمام الدولة بهوية وتاريخ المملكة العربية السعودية الذي ارتبط بالعلم السعودي بمراحله الثلاث منذ ثلاثة قرون.
الدلالات الرمزية للعلم السعودي
يرمز اللون الأخضر إلى السلام والنماء والرخاء والعطاء والتسامح الذي تتسم به المملكة العربية السعودية، وكلمة الشهادة التوحيد (لا إله إلا الله محمد رسول الله) تعد رمزاً لعقيدة المملكة وما قامت عليه منذ تأسيسها، أما السيف؛ فيحمل دلالة على القوة والعدل والدفاع عن الوطن تحت كلمة التوحيد (لا إله إلا الله؛ محمد رسول الله)؛ وكذلك يدل على أخلاق الفروسية التي يتصف بها العربي الأصيل.
من أنظمة العلم السعودي
- يرفع العلم السعودي ما بين شروق الشمس وغروبها على جميع المباني الحكومية والمؤسسات. - أن العلم السعودي لا ينكس أبداً؛ مثل معظم الأعلام الأخرى حداداً وتابيناً؛ لاحتوائه على كلمة التوحيد أن العلم السعودي لا يحنى لكبار الضيوف عند استعراض حرس الشرف؛ كما هو متعارف عليه في كثير من دول العالم.
- للاستزادة حول ذلك عبدالرحمن سليمان الرويشد: تاريخ الراية السعودية أعلام وأوسمة وشارات وطنية، ط1، 1428 هـ/ 2007م,
** **
مدى الحربي - باحثة دكتوراه في التاريخ الحديث والمعاصر - جامعة أم القرى