سراب الصبيح
في البحث الأكاديمي في العلوم الإنسانية يتقيد الباحث بمنهج واحد، وإني لا أقتنع كثيرا بهذه الفكرة؛ لأن طبيعة بعض الأبحاث تتطلب أكثر من منهج لمعالجة قضايا البحث، والآن سأتحدث عن الرمزية في العلم السعودي من جانب التاريخانية ومن جانب السيمائية في اللون.
حقيقة إني لم أطلع على تاريخ أعلام كل الدول، لكني أرى أن البلد الذكي هو الذي يشكل علمه بناء على دلالة ترتكز على أرضية البلد وتاريخانيته، مثل علم السعودية، والذي سأقف على بعض دلالاته في هذا المقال.
العلم السعودي يتشكل من اللونين الأبيض والأخضر، لكن السؤال: لماذا نص الشهادة كُتب بالأبيض، والخلفية بالأخضر، وليس العكس؟ إن للون الأخضر دلالات كثيرة، منها؛ الخضرة، النماء، الاطمئنان، وأيضا يدل على العطاء، ولما كان العطاء في السعودية يمتد من أرضها؛ كان من الأنسب أن يكون الأخضر هو لون الخلفية للعلم، الذي يرمز إلى أرضية البلد، والتي هي بدورها يمتد منها العطاء.
وأما نص الشهادة المكتوب في اللون الأبيض؛ فهو ما سأعرج على تاريخانيته وسيمائية لونه، فمما لا يجهل على أحد أن مهبط الوحي على رسولنا الكريم محمد -صلى الله عليه وسلم- هو في الحجاز، ولما انطلقت السعودية لتؤسس كيانها بوصفها دولة إسلامية عربية، كان من الذكاء أن تجعل نص علمها هو الشهادة؛ أول أركان الإسلام، وهذا ما جعل العلم يتحلى بحلة تاريخية ترتبط بأرضية البلد. وأما لونه فإن الإسلام هو دين الصفاء والرحمة والضوء والنور، هذه الدلالات التي يرمز إليها اللون الأبيض.
هذا رمز الإسلام في العلم، ومن الرموز التاريخية الدالة على عروبة البلد؛ هو رمز السيف، فالرجل العربي في منطقة شبه الجزيرة منذ عراقة التاريخ رجل أشوس صنديد همام، يحمل سيفه في حله وترحاله، فالسيف يرمز لبسالة الرجل العربي، ولما كانت السعودية امتدادا لتاريخانية هذه الأرض العربية، كان السيف من أبرز العلامات التي تدل على العروبة في هذه الأرض.