عثمان بن حمد أباالخيل
وجوه الناس تتغير وتتلون وتأخذ أشكالاً كثيرة حسب المصلحة والموقف ونوع القناع. أما ألسنتها فتحتار في عددها وأنواعها ومراوغتها وكذبها، وقلوبها منها الحية والمتحجرة والصلبة والتي عليها غشاوة وضباب وهناك القلوب المطمئنة الخاشعة. هذا ثالوث محير في تصرفاته ولا يعلم ما تخفي سوى الله سبحانه وتعالى.
الناس يغيرون وجوههم في كل يوم لتستقيم حياتهم ولا يتعثرون ويلبسون الأقنعة التي تزين وجوههم من هو السبب أهي الحياة؟ أم الإنسان؟ لا شك الحياة لا تتغير فالناس هم الذين يتلونون ويسعون لقضاء حاجاتهم بوجوه مختلفة منها الوجوه المبتسمة والوجوه العابسة والوجوه الحزينة والأخرى التي لا طعم لها. بالتأكيد لا أقصد لون البشرة بل كيف تتلون تلك البشرة وتلبس القناع وإن اختلاف ألوان البشر آية دالة على عظمة الله عز وجل، وينبغي أن ندقق فيها، وأن نقف عندها، وأن نبحث عن السر الذي تنطوي عليه حديث الرسول صلى الله عليه وسلم ((أَلا لا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى أَعْجَمِيٍّ، وَلا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلا لأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ، وَلا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلا بِالتَّقْوَى)).
ألسنة الناس كثيرة ومتنوعة وكثيراً ما تسببت فلتات اللسان في الهلاك للإنسان، وكما يقال ((لسانك حصانك إن صنته صانك وإن هنته هانك))، ومن تلك أَلْسِنة لسان الإنسان المنافق، والمراوغ، وكما قال الشاعر:
يعطيك من طرف اللسان حلاوة
ويروغ منك كما يروغ الثعلب
وما أكثر الذين وقعوا في زلة ألسنتهم في الواقع ألسنتهم لم تزل إنه تعبير حقيقي عمّ في داخلهم وليس كما يقال زلة لسان. ومن أعظم أنواع ألسنة الناس اللسان الكاذب والذي يؤدي إلى النفاق عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النبي صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ) رواه البخاري. اللسان هذا العضو الصغير الكبير في نتائجه علينا أن نحفظه ونلجمه في كل الأوقات ونفكر كثيراً قبل أن ننطق فتضيع علاقاتنا الإنسانية من الناس من حولنا.
للقلوب أنواعٌ كثيرة تهمين على حياتنا، ومنها القلب السليم والقلب الميت والقلب المريض. قال تعالي: يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ، وقال: كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ ، فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ الله . فالإنسان يولد وقلبه سليم أبيض نقي خالٍ من كل شيء وفي الحياة يتقلب قلبه ويتجه إما في الاتجاه الصحيح أو الخاطئ. وهناك قلوب قاسية أقسى من الحجر قال صلى الله عليه وسلم (ألا إن في الجسد مضغة ألا صلحت صلح العمل كله وإذا فسدت فسد العمل كله ألا وهي القلب). لا شيء يعكر صفو الحياة إلا تلك القلوب المغلقة على نفسها والتي لا تعرف الرحمة والتي تترك وراءها الويلات والبحور المائجة.
وفي الختام هذا الثالوث إن صلحت في الإنسان صلح حاله واستقام وفرّج على من حوله، أما سوى ذلك تكون الحياة في محيطها ظلاماً دامساً ومشاعر محبطة. كم هو جميل أن تكون الوجوه كما هي بلا مكياج أو أقنعة وتكون ألسن طرية بذكر الله والابتعاد عن ذكر عيوب الناس والأجمل أن نحمل بين ضلوعنا قلوباً بيضاء نقية طاهرة لا تعرف الحقد والكراهية والإنسان يستطيع أن يزين حياته بهذا الثالوث إيجابياً.