د. إبراهيم بن جلال فضلون
لا أدري يا معالي الوزير، إذا كنا تقابلنا أو تعارفنا أم لا، أو تسمع بي كما أسمع عنك أم لا، أو تقرأ لي وتتصفح قلمي أم لا، كغيري من الزملاء، فأنا لا أعرف عنك إلا أنك اجتهدت بين بطون الصُحف وطُرقاتها، وبين معالم السنين وقراطيسها، بأعرق دور الصحافة والإعلام، فالإعلام وسيلة للتآلف والبناء وسبب في تقوية دعائم الروابط واللُحمة الوطنية، وحصن منيع للدفاع عمَّا يفتك بنا من حولنا، وكل ذلك في طريق وزارة الإعلام، وإذا لم يكن لي شرف معرفتك شخصيّاً، فأنا على الأقل أعرف عنك ما يكفي فضولي الصحافي.
لقد تم منح الثقة الملكية لابن الإعلام (سلمان بن يوسف الدوسري)؛ ليكون وزيرًا للإعلام، بعد أن كان صحافياً ناشطاً في مُتابعة القصص وكتابة الأخبار والتغطيات المحلية والإقليمية والدولية، مُقتنصاً فُرص الحوار الصحافي مع أبرز الشخصيات من رؤساء وزعماء دول، وصُنَّاع قرار ومسؤولين.. كُل ذلك أثرى وأغنى تجربته، ليُواصل الركض اليومي في بلاط الصحافة، مُطوراً برئاسته كل مؤسسة صحيفة مر عليها، وبولاء إعلامي في أبرز القنوات الفضائية «العربية» و»الحدث» كعضو في مجالس تحريرها ليتولى ملفات جساماً، أبرزت وعيه الوطني بما تمر به المنطقة وواقعها الخارجي، في مواجهة رياح التطرف ودعم مشروعات التنمية والتقارب العربي بعد شتاته في مواجهة استحقاقات النهضة والتنمية الشاملة.. وبعدما عاد لبلاده الرياض عام 2016 استمر بقلمه ككاتب صحافي، كأحد بيادقها التي تُدافع وتُنافح عن الوطن بروحه وقلمه، مُرسخاً مقولته الشهيرة «أمدح وطني ويشتموني... أفضل مليون مرة من: أشتم وطني ويمدحوني».
ربما يكون لدى وزارة الإعلام اليوم أحد أكثر الملفات سُخونةً وتعقيداً، في ظل الانفتاح الكبير على السوق العالمي وفضاءاته المُتداخلة، حتى صار الأعمى - غير المهني - صحفياً، وقد فرض نفسه علينا، فدخل علينا الحابل بالنابل، وقد أرهقتنا المعلومات المستقاة من غير مصادرها الموثوقة بـ(النحل والرداءة)، في زمن الشائعات التي بلبلت حياتنا بتطبيقات يستقي منها أبناؤنا معلوماتهم حتى الدينية منها، وهذا عبء عليك يا معالي الوزير كبير، تتحمّله أمام المهنة ورب العباد.. فكيف ستُربي أخلاق أجيال الموبايلات وما شابهها اليوم من فواسد اجتماعية عبر الإعلام وكيف سيكون التوجيه والإرشاد؟ في ظل تحول المُغرضون إعلامياً ضد المملكة مُنذ قُرابة عقدين، بشن حروب شرسة من قُوى وجماعات إقليمية وعالمية تُشكل الصور الذهنية السلبية عنها... فلم نجد مُتحدثاً عنا إلا عدداً قليلاً من الصحافيين ونبلاء الوطن والوزراء المُخلصين كمعالي وزير الطاقة الأمير عبدالعزيز بن سلمان، ووزير الدولة للشؤون الخارجية عادل الجبير، وقبلهما قياداتنا الكرام في كافة المحافل الدولية كما حدث مع تصويب خادم الحرمين الشريفين لعدد من الزعماء وغيرهم، وكذلك صاحب الرؤية الحالمة ولي العهد -حفظهما الله-، فهل يُمكن أن نرى وزير الإعلام سيداً بالميدان وحاملاً العبء معهم؟... فهذا عملك المهني الذي يجب أن يشعر السعوديون به، وهُم يرون صورتهم تُقدم بشكل مُختلف في فخر وهمة، بما يواكب مكانة المملكة الريادية على مستوى العالم، لتعكس القفزات الكبيرة لنا جميعاً؛ استجابة لرؤية 2030 .
إذاً يا معالي الوزير عليك بتطوير: البرامج التلفزيونية، ومنح الشباب فرصة في كافة القطاعات، وإنشاء منصات إعلامية بلغات أخرى على غرار شبكة روسيا اليوم، وخصخصة وزارة الإعلام والمؤسسات التابعة لها كافة، مع الإشراف الكامل عليها وهذا توجه عالمي.. وهنا أتوقف برهة فقد كانت لدينا صحف إلكترونية قوية اختفت مؤخراً، فلمَ لا نراجع شروطها.
ويا أيها الإعلامي، أعتقد أنه يجب أن نُمكّن العالم من رؤية هذا الوجه الجميل لإعلامنا على يديك، وأنتم صاحب تاريخ طويل في دهاليز العمل الإعلامي، مما يبعث نظرة متفائلة لمستقبل هذا القطاع، وتغييرات نتطلع أن نراها واقعاً يليق بموقع السعودية الجديدة.. ولا أريد أن يشط بي القلم للتنظير في مبدأ القومية العربية، ودور دولتنا مع عربيتها في الأيام العصيبة التي تواجه بها هذا المد الإرهابي الشيعي والتعنّت الغربي الأمريكي الذي قهرناه، مؤكدين أننا لا نتبع قرارات أحد فنحن سادة، بل وقوفها مع العالم في محن إنسانية: كورونا والغزو الروسي الأوكراني وتبعاته الاقتصادية والغذائية وغير ذلك.
وأخيراً أيها الكاتب: أتمنى أن لا تسقط رسالتي هذه من يدك وأنت تتساءل عن سببها، قبل أن تحاول ولو للحظات أن تضع نفسك مكان أي صحافي أو إعلامي فإنه هم يجب أن تتحمّله ونحن معك، وبالنسبة لي فهي هم حياتي الأساسي وقضية وجودي الطبيعي، لك مني التحيّة والسلام!