د.نايف الحمد
من بعيد .. وفي وقت لم يكن أحد ليتوقع عودته بهذا البهاء، عاد الكبير الفخم المذهل؛ عاد الهلال.
بدايات متعثرة أوحت لمن لا يعرفه أن هذا البطل قد سقط.. وأن عودته ستكون مستحيلة في وقت قريب؛ أما العارفون به المتيمون بتفاصيله يعلمون أنه يمرض ولكن لا يموت.. وعندما تمر به النوائب يتسامى على جراحاته وينهض بفعل كبريائه وشموخه، ولم يرض يوماً بخذلان عشاقه.
وحيداً غريباً إلّا من عشاقه الأوفياء ورجاله المخلصين ذهب الموج الأزرق لأقصى الأرض ليقارع أبطال القارات.. ذهب يحمل أحلام جماهيره الكبيرة للدفاع عن مجده القديم وتاريخه الناصع المرصّع بالإنجازات.. ذهب ليقول كلمته التي اعتاد أن يقولها في كل محفل كبير يتواجد به دون أن يكون للإخفاق خانة في حساباته، فمن اعتاد صعود القمم الشماء لا يهاب مقارعة الأبطال عندما يحتدم النزال.
هناك على شواطئ الأطلسي ومن أرض المغرب حوّل كبير القارة الصفراء الأحلام إلى حقيقة وحقق وصافة العالم فأحيا قلوب عشاقه وكدّر قلوب حاسديه ممن كانوا ينتظرون سقوطه ويعدون العدة للشماته به.
لم يكتف هذا المارد الأزرق بوصافة العالم، واتجه مباشرة للدفاع عن لقبه القاري فحوّل الوجهة من شواطئ الأطلسي إلى سواحل الخليج العربي حيث الدوحة.. فأسقط الأندية الآسيوية واحداً بعد الآخر، وكان آخرها الدحيل القطري مستضيف الأدوار الاقصائية وأقوى فرق غرب القارة، إذ واجه إعصار أزرق خرج منه بسباعية نظيفة حملت الزعيم لنهائي القارة وأكدت أن هذا العملاق قادر في كل وقت على صناعة الأرقام القياسية وكسرها في واحد من أكثر مواسمه صعوبة وتعقيداً.
يا لهذا الهلال كم هو وَفِيّ لعشاقه وتقاليده؛ فمن رحم المعاناة يظهر كمارد ويعيد صياغة التاريخ.. يهوى المستحيل ويحقق الأحلام ويصنع المعجزات.
ما يثير الدهشة ويدعو للانبهار أن الموج الأزرق لا يستكين للظروف، وإذا ما كان في حالة مد فلا يمكن لقوة على وجه الأرض أن تكسر أمواجه.. يأتيك من حيث لا تعلم ولا تتوقع؛ وفي قدومه يختلط السحر بالحقيقة والحلم بالواقع فيأخذك في رحلة لا تعلم كيف بدأت وأين ستنتهي!
ستعود كل الأشياء لطبيعتها إلّا الهلال؛ سيبقى صانعًا للمعجزات ومحققاً للأحلام مهما كبُرت؛ فـ (لكل حلم هلال).