واس - الرياض:
أكد معالي وزير العدل الدكتور وليد محمد الصمعاني أهمية أن تواكب الجهات العدلية التغيرات ولاسيما في مجال التحول الرقمي، خاصة مع التغيرات التي تشهدها القطاعات كافة. جاء ذلك خلال الجلسة الرئيسية ضمن أعمال المؤتمر العدلي الدولي المقام في الرياض، بعنوان «مستقبل القضاء في ظل التحول الرقمي»بمشاركة وزير العدل المغربي عبداللطيف وهبي، ووزيرة العدل التونسية ليلى جفال، ونائب رئيس الوكالة الأوروبية للتعاون القضائي يشتيان شكرلك، والسكرتير برلماني الأول - وزارة الصحة ووزارة القانون في سنغافورة راهايو ماحزم. وأشار الدكتور الصمعاني إلى أن عناصر العمل القانوني في جميع النواحي أساسية ومنسجمة مع كل المتغيرات في التحول لأنه لا يمثل تحديًا للضمانات القضائية وإنما هو أساس لتحقيقها. وبيَّن أن التحول الرقمي في جميع دول العالم ليس تحولاً للضمانات فقط والبنية التحتية،وإنما في أساس الأعمال، وأنه لا يتعلق بالوسائل بل في ضبط الإجراءات وشفافية أعلى في تحقيق ومراقبة للضمانات القضائية والنواحي الموضوعية والتشريعية. وأكد معاليه أن الوزارة لديها أكثر من 6 ملايين جلسة عبر الاتصال المرئي موثقة بالصوت والصورة وبتقنيات متكاملة، وأكثر من مليوني حكم صدر من المحاكم سواءً من الدرجة الأولى أم من محاكم الاستئناف أم من المحكمة العليا،تحققت فيها جميع الضمانات والمراجعات القضائية والشفافية بأعلى صورها،وكانت رقمية من بداية تقديم الدعوى إلى تنفيذ الحكم. ولفت معاليه الانتباه إلى أن محكمة التنفيذ الافتراضية تستقبل ملايين الطلبات ولا تتعدَّى مدة تنفيذ الطلب 5 أيام، مبينًا أن رفع الدعوى العمالية يصدر فيها الحكم خلال أقل من شهرين، مشيرًا إلى أن هذه الأرقام تؤكد أن التحول الرقمي ليس وسيلة فقط لوزارة العدل بل ترسيخ لقاعدة العدالة بصورها كافة. وأوضح أن التحول الرقمي ييسر الوصول إلى العدالة، وتتم من خلاله أعمال الترجمة عن بعد؛لأنه يعدُّ مستقبلَ القضاء، حيث أصبح واقعًا ويجب العمل به،والتعامل مع التقنية على أنها مسار وليس خيارًا في البداية وليس مزاحمة للعمل البشري؛ فهو تغير في الأدوار فقط، بحيث تكون التقنية هي الممكِّن والبناء الرئيسي والفرد يتحول إلى دور الإشراف المراقب؛للتحقق من الضمانات القضائية.
من جانبه أكد وزير العدل المغربي أن التكنولوجيا لها منافع كثيرة في القطاع العدلي وتقدم الكثير من التسهيلات والخدمات وتطور المجتمعات وتختصر الزمان، مشيرًا إلى تطور الآلة التي يشهدها العصر الحاضر،وأن التقدم الكبير في استخدامها لا يعني الاستغناء عن الإنسان وقدراته التحليلية التي يتطلبها القضاء. فيما أكدت وزيرة العدل التونسية ليلى جفال أن الرقمنة وتطور المنظومات تتطلب العمل بالتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي من أجل منظومة عدلية تواكب التطورات الآنية التي من شأنها أن تُسَرِّعَ العملية القضائية. وبيَّنت أنه من الضروري العمل على حماية التعاملات الرقمية من أي تدخلات بشرية تؤثر على سير العمل والقضايا، مؤكدة أهمية مواكبة كل التطورات التي يشهدها العالم في الوقت الحالي وفي المجال العدلي خصوصًا، مع تأكيدها العمل مع التقنية بدقة فائقة، في ظل القدرات البشرية الهائلة التي يشهدها القطاع العدلي. بدورها، ثمَّنَت السكرتيرة البرلمانية الأولى في جمهورية سنغافورة لوزارتي الصحة والقانون الجهود التي وضعتها المملكة التي يمكن الاستفادة منها بشكل كبير، مؤكدة أهمية الاهتمام بجانب التقنية الموجودة والاستفادة منها بشكل فعال واستخدامها بشكل أمثل.
من جهته أكد نائب رئيس الوكالة الأوروبية للتعاون القضائي أن التحول الرقمي والتكنولوجي في مجال العدالة الجنائية لديه الكثير من التحديات التي يجب التعامل معها، والكثير من التعاون بين الدول فيما بينها في هذا الخصوص، وأن تصل الدول إلى مستوى متكامل ومتوازن، وبيَّن أن التطور التقني ينطوي على الكثير من القضايا الفنية والقضايا القضائية، والمسائل التشريعية، مشددًا على أن أمن المعلومات يعدُّ من أكثر الأمور المهمة والحساسة التي يجب حمايتها في العملية العدلية. وأوضح أنه من المهم أن يتعايش العالم مع الرقمنة وتوظيفها بما يخدم الإنسان، مع العمل على تحليل البيانات والمخاطر التي قد تحدث لتفاديها.
وكان قد افتتح معالي وزير العدل الدكتوروليد بن محمد الصمعاني أمس أعمال المؤتمر العدلي الدولي في الرياض، بحضور عدد من أصحاب السمو والمعالي والسعادة، ونخبة من المختصين والقانونيين من مختلف أنحاء العالم، ويستمر حتى اليوم الاثنين، بمشاركة أكثر من 4000 مشارك، و50 متحدثاً وخبيراً دولياً. ودشّن معاليه بمشاركة عدد من وزراء الدول المشاركة في المؤتمر، معرض التقنيات العدلية الذي يستعرض التقنيات العالمية ويتيح للزوار معرفة المستجدات في تقنية المعلومات والذكاء الاصطناعي فيما يخص العدل والقانون، ويحتوي على عدة أجنحة منها: العدالة الوقائية، والوسائل البديلة لتسوية النزاعات، والقضاء، والتنفيذ، وغيرها. وقال الدكتور الصمعاني في كلمته خلال افتتاح المؤتمر: «إن المؤتمر العدلي الدولي يستهدف بِناء الشراكات العدلية ونقل التجارب، وتبادل الخبرات؛ لتعزيز وتطويِر ممكنات العدالة حول العالم، وأتطلع أن يعود المؤتمر بالنفع على القطاعات العدلية في دول العالم. وأضاف: « فيِ ظل المتغيرات المتسارعة في العالم في الجوانب كافة، بما في ذلك القطاع العدلي والقانوني؛ فإن من الواجب مواكبة هذه المتغيرات، واعتبارها فرصة للتَحسين والتطوير، وبالأخص ما يتعلق بالتقنيات المساندة والمعززة للضمانات القضائية. وأكد وزير العدل أن شعار المؤتمر يأتي لتيسير الوصول للعدالة بِتقنيات رقمية، ولتحقيق الإثراء المعرفي حول مستقبل التقنيات العدلية، وفق أعلى الضمانات الحقوقية. وأضاف: «لقد عملت المملكة العربية السعودية في ظل رؤية 2030، بقيادة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء -حفظه الله- على تطوير القطاعات كافة ومنها قطاع العدالة، من خلال دِعم الابتكارات الرقمية، وإطلاق مبادرات ومشروعات تطويرية، تعزز قيم العدالة والشفافية». وأشار معاليه إلى أن المملكة العربية السعودية هي «مملكة الفرص» كما وصفها سمو ولي العهد، مضيفاً «وفي القطاع العدلي لدينا فرص كبيرة للتعاون والمشاركة في الموضوعات ذات البعد القانوني؛ لتحقيق العدالة وترسيخ أركانها، وإيجاد أفضل السبل لرفع مستوى جودة المخرجات العدلية، وتحقيق المنفعة المتبادلة». ونوه أنه وضمن هذا التوجه فإن القطاع العدلي والقانوني في المملكة يتطلع بشكل دائم للمشاركة والتفاعل مع جميع التجاربِ والخِبرات الدوليةِ وتوظيف الابتكارات والرؤى التي تخدم العدالة، وتفع من كفاءة الإجراءات.
يذكر أن من ضمن أهداف المؤتمر تعزيز الممكنات الرقمية لسهولة الوصول للعدالة، وترسيخ الضمانات في التطبيقات العدلية الرقمية، واستلهام الأفكار وتبادل التجارب والخبرات، وتعزيز العلاقات بين الدول وعقد الشراكات، وإبراز أحدث التوجهات العالمية في القطاعات العدلية. ويناقش المؤتمر قضايا عدة من أبرزها مستقبل القضاء في ظل التحول الرقمي، والتجارب الدولية في التحول الرقمي، والبعد القانوني للذكاء الاصطناعي، وتوظيف الذكاء الاصطناعي في تحسين العدالة، وتحليل البيانات لتحسين العدالة، ومستقبل الوسائل البديلة لتسوية النزاعات في ظل التحول الرقمي.