د. إبراهيم بن جلال فضلون
بالفعل أصبحت السمة البارزة لعصر التكتلات الحالي Economic Blocs، وتبادل وجهات النظر حيال القضايا الدولية محل اهتمام المجتمع الدولي، لتفعيل آلية القمم الدبلوماسية، وزيادة حضورها عبر اللقاءات الدبلوماسية مع قادة الدول والتكتلات لتوطيد الروابط من خلال عقد شراكات في كافة المجالات، وهو ما ظهر جلياً بعد الحرب العالمية الثانية مع تنامي وسرعة موازاة العولمة بنهاية ق 20، لتُصبح سمة أساسية من سمات النظام الاقتصادي العالمي الجديد، الذي نجم عنه تحرير التجارة الدولية، وحركة رؤوس الأموال عالمياً، في مشهد عالمي أكثر ديناميكية في مرحلة الاندماج أي التكامل الاقتصادي Economic Integration، لكن بصورة مُتطورة للتكتل الاقتصادي، في اتجاه وحدة سياسية، لها مخاطر ومخاوف لدى الدول غير الداخلة في أي تكتل، وبعيدة عن المؤسسية والجيوسياسية.
من المفارقات العجيبة أن للعرب الريادة الدولية في إنشاء (التكتل الاقتصادي)، رغم فشلها؛ لغياب الإرادة السياسية ولأسباب سياسية واقتصادية وأمنية عديدة، حيث كان إقامة أول تكتل إقليمي بقيام جامعة الدول العربية عام 1945، وصولاً إلى السوق العربي المشترك عام 2020، متحولة إلى الصورة العملية وفق واقعها بقمم الرياض وجدة وقمة المُناخ المصرية 2022، شاهداً التكامل الاقتصادي Economic Integration التقليدي بروز التجمعات الاقتصادية للشركات العملاقة مُتعددة القوميات Multinational Corporations أو المتعدية للقوميات Transnational Corporations، تدعمها حكوماتها بشكل مباشر يُساعد القادة على إجراء مناقشات مباشرة وجهاً لوجه، وغير مباشر يُحقق التوازن المطلوب، كاستضافة دول الجنوب العالمي والقوى الوسطى من خارج الغرب، مثل الهند وإندونيسيا والإمارات لأهم ثلاثة مُؤتمرات ذات قمم كُبرى العام المُقبل، وهو ما يُعدُّ اختباراً يُشكل الأجندة العالمية بعد طول غياب بدأت بالدور السعودي في قمة 20G، لتكون المؤتمرات الثمانية رئيسة في أجندة تكتلات عام 2023 وتقديم إجابة كافية على ما يعرف بتجمعات سلاسل الإمداد في العقود الثلاثة الأخيرة، Supply Chains الجزيرة Value Clusters والتي بدت عليها الحروب التجارية القائمة بين أمريكا وأوروبا الضعيفة والتنين الصيني الروسي، ولعل محادثات العشرين تكشف حاجة الغرب إلى الصين أكثر من روسيا.
إذاً، قمم 2023 هامة ومحددة للمسار العربي والأفروآسيوي كقمة 20G، بالهند تحت شعار «أرض واحدة، عائلة واحدة، مستقبل واحد»، رُبما ينجح في ربط الشرق بالغرب، وتكرر نجاح قمة العشرين بالرياض رغم ظروف الجائحة العالمية، فهل سيكون لإفريقيا مقعدٌ بعد القِمّةِ الأميركية - الإفريقية التي استضافتها واشنطن؟...
كذلك تنعقد الآمال على مؤتمر المناخ بالإمارات «كوب-28» بإجراء أول تقييم عالمي وفق اتفاقية باريس، للحد من الاحترار بنسبة 1.5 درجة مئوية، عقب نجاح مؤتمر شرم الشيخ المصري «كوب-27» وتعويض الدول الضعيفة التي تتعامل مع كوارث المناخ، الذي وجد نقاشاً ضعيفاً في اجتماع الجمعية العامة للأمم المُتحدة الذي هيمن عليه الشأن الأوكراني أولاً ولا زال، ثُم انتكاسات «كوفيد-19»، وأجندة السلام الجديدة، لاسيما وحلف «الناتو» «الميت دماغياً»، لولا أن نشطتها الغزوة الروسية لأوكرانيا، لتعقد قمتها في ليتوانيا يومي 11 و 12 يوليو لتعزيز المجموعات القتالية وتقوية قوات الاستعداد، وتحديات الصين، بل وحقق تسعة أعضاء فقط من بين 30 عضواً هدف الإنفاق البالغ 2 % عام 2022. ولا شك أن لمؤتمر الأمم المتحدة للمياه في نيويورك ما بين 22 - 24 مارس 2023 دوراً في جمع الأعضاء للتركيز حصرياً على قضية المياه الشائكة منذ عام 1977.
ولعل لقمة «آسيان» الإندونيسية الدور في تحويل الاقتصاد من الجغرافيا السياسية مع تبني قضية الآسيان كبؤرة للنمو تدفع لتغييرات هيكلية قد تُؤثر على قمة «أبيك» التي تضم الولايات المتحدة والصين وست قوى كبرى، بينهما صراع على أهُبهُ، مقارنة برئاسة كمبوديا عام 2022، فكيف ستكون «آسيان» بعد عام 2025؟.. وهل ستنجح قمة الدول «السبع» في 19 و21 مايو الحالي، بهيروشيما التي دمرتها أول قنبلة ذرية بالحرب العالمية الثانية؟ في نزع السلاح النووي، والضغط على روسيا لوقف حربها على جارتها أوكرانيا وتعزيز أمن الطاقة ومواجهة مبادرة الحزام والطريق الصينية، ولكن السؤال هل يمكن أن يمنح الاجتماع الودي بين الرئيسين الأميركي والصيني السابق؟، الأمل وتجاوز المساحة الاستراتيجية الضيقة لدفع القمم العالمية للوفاء بوعودها في عام 2023.. وباختصار هل ستنجح «سبوبة» التكتلات والتحالفات أم ستنهار كغيرها وفق المصالح والمنافع والأهواء؟