ناهد الأغا
منذ سنوات وعقود خلت، ما إن يقترب بزوغ هلال شهر رمضان المبارك، حتى وتبدأ شاشات التلفاز والفضائيات بإعلان بث المسلسل الكوميدي الهادف طاش ما طاش ونترقب حلول الشهر الفضيل، وننتظر ساعات بث حلقات المسلسل الماتعة والجميلة، ونتمنى ألا تنتهي الحلقة، دقائق تصحبك خلالها متعة كبيرة وفرحة في النفس، عندما تشاهد لوحات متعددة ومتنوعة مرسومة بأيدي فنانين سعوديين مبدعين تمكنا بروحهم وحسهم تشكيل جميل ألوانها.
مسلسل طاش ما طاش، ليس سلسلة حلقات فحسب، أو مسلسل كوميدي فقط، فلقد احتل مساحة شاسعة في الدراما السعودية بمراحلها المختلفة والمتسلسلة، ويعكس نمطا ًمتميزاً للقوالب الفكاهية الجميلة والمبهجة.
تعصف بي الذكريات، وتعود مخيلتي إلى تلك الأيام الجميلة، هناك حيث مستودع الصِبا، وعبق الحنين، وأعذب الأحلام، وأصدق الأماني والتطلع نحو القادم المتزامن مع كل موسم بُثت فيه سلسلة الحلقات الشجية من طاش ما طاش، وأذهب في تفكيري بمغزى كل حلقة وهدفها البعيد، الذي احتضنته هذه اللحظات فكم من مسائل ورسائل قدمها المسلسل بقالب كوميدي جميل، يصل إلى القلوب بأيسر الطرق وأقصرها وأصدقها.
طاش ما طاش، حل ونزل في رحاب كل بيت عربي، وليس السعودي فحسب، ففي وقت عرض وبث حلقاته، يكون المشاهدون والمتابعون أمام شاشة التلفاز والفضائيات، يتابعون بكل تمعن دون رمشة عين مجرياته ومواقفه الطريفة.
ولا يمكننا ذكر المسلسل الشهير طاش ما طاش، دون ذكر الشخصيتين السعوديتين الفنيتين البارعتين، فقد تمكنا بكل مهارة واقتدار من زرع الابتسامة بالقلوب والنفوس قبل أن تظهر على ملامح الوجه، وترسمها الشفتين، ناصر القصبي وعبدالله السدحان حقا إنهما فنانان نقشا اسميهما بحروف زاهية في جدار الفن السعودي الرفيع والهادف.
لم تتوقف المبادرات الخيرة والطيبة، ولا تعرف مثلها الوقوف، طالما كان هنالك من يتصدر المشهد شخصية فذة ذات عزيمة وفكر نير، فكم أسعدني الإعلان عن عودة تصوير مسلسل طاش ما طاش الموسم 19 في شهر رمضان، بعد توقف دام 13 عاما، ذلك بعدما رعى معالي المستشار تركي آل الشيخ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه الاتفاق بين بطلي المسلسل، ومضيهم في إنجاز العمل الفني، الذي سار مع أجيال متتابعة.
«أنت المبادر وراعي الفكرة يابو ناصر والله يقدرنا على تقديم شي مختلف» بهذه الكلمات القليلة ذات المعاني والأثر الكبير، عبر فيها الفنان ناصر القصبي عبر تغريدة على حساب تويتر، عن شكره وتقديره لمعالي المستشار، وبيان الثقة التي حظيا بها، وحرصهما على تقديم كل ما هو جميل وينتظره المشاهدون جميعا.
وعندما أتحدث عن الدراما الكوميدية السعودية، لا أحصر حديثي وتذكري بمسلسل طاش ما طاش فقط، فلقد رافقت المواسم الرمضانية الماضية عدة أعمال كوميدية جميلة، ارتبطت ارتباطا وثيقا بجمال الروح، وبث الفرح والسرور، في كل نفس شخص تابع هذه الأعمال، فساعات بث هذه المسلسلات كانت تحظى بعظيم اهتمام المشاهدين، ويحرص جميعهم على متابعتها منذ شارة البداية حتى شارة النهاية، وما زال هناك من يتناقل فقرات وقوالب منها رغم مضي سنوات وسنوات على بثها لأول مرة، فحتى اللحظة نتذكر مسلسلات: «بيني وبينك» و»سيلفي» و»أبو العصافير» و»شباب البومب» و»سكة سفر»، نعيش لحظات سرور تضمنتها دقائق حلقات هذه الأعمال الجميلة.
ندعو الله أن يتمم رمضان بكل خير وبركة، وأن نجتمع على كل ما هو جميل كما تعودنا في بلادنا الحبيبة أرض المملكة العربية السعودية.