يعد ندرة المياه بالمملكة العربية السعودية من أبرز المعوقات التي تواجه التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وعلى طول المملكة وعرضها وكبر مساحتها فلا يوجد فيها أنهار جارية، وتفتقد للمصادر المائية الطبيعية مع زيادة تكلفة الحصول عليها من المصادر غير الطبيعية، وقد استبشر الناس خيراً بهطول الأمطار الغزيرة التي هطلت على بلادنا وكانت عامة - والله الحمد- وسالت أودية وشعاب وبكميات لم نشاهدها منذ مدة؛ فالماء عصب الحياة للإنسان والحيوان والنبات على حد سواء، والموارد المائية في بعض المناطق شحيحة للغاية ووفرة المياه مقتصرة على مناطق معينة، وجميع هذه المناطق الوفيرة بالماء وغيرها تعتمد أساساً على مياه الأمطار، ومن المعلوم أن نسبة هطول الأمطار ومستوياتها تختلف من عام إلى آخر، بل إن هناك أعواماً تشهد قلة في سقوط الأمطار، والمشكلة التي تواجه المهتمين وغيرهم أن الطلب على الماء يزداد لدينا في كل عام مع زيادة أعداد السكان من المواطنين والمقيمين سواء على المستوى الاجتماعي في المنازل والأعمال أو على مستوى القطاع الزراعي، ومع مشاريع الرؤية المباركة وزيادة عدد السكان والاحتياج الزراعي والاقتصادي فإن الأمر يتطلب أن نبحث عن وسائل أكثر من السدود للاستفادة من مياه الأمطار وغيرها، وإذا كنا قبل أكثر من سبعين عاماً استطعنا أن نمد خطوط الأنابيب من منابع النفط في المنطقة الشرقية إلى الشمال في سورية ولبنان وإلى الغرب في البحر الأحمر فيما بعد وإلى كل مكان؛ فلماذا لا نمد خطوط مياه عن طريق الأنابيب من شمال المملكة والمناطق التي يتوافر فيها المياه الجوفية وسحبها وضخها إلى جنوب المناطق الصحراوية ووسط البلاد، ولا سيما أن ارتفاع المناطق الشمالية من مستوى البحر أعلى من مستويات ارتفاع المناطق الجنوبية، وبناء أنابيب مثل خط النهر الكبير في ليبيا وبما يحقق رؤية وخطة 2030 للزراعة في المملكة «السعودية الخضراء»، وسوف يحافظ هذا المشروع على المخزون الحالي ويضيف إليه، والحاجة ماسة له بعد استنزاف المخزون المائي الاستراتيجي من المياه الجوفية في الثلاثة عقود الأخيرة مما أحدث خللاً في المياه الجوفية.
إن الزراعة مهمة كرافد اقتصادي والماء مهم لها ولغيرها، ولابد من التوازن بين الحاجتين ويمكن زيادة معدلات الإنتاج الزراعي في المملكة بما لا يؤثر على الاستهلاك العام للمياه حينما يتم توفير البدائل وتعزيز مستويات الخزن الاستراتيجي للمياه، وإذا ما تم الاستمرار في معدلات الزراعة دونما تعزيز لمصادر المياه فسيترتب على ذلك تأثير سلبي لمخزون المياه، والرؤية الجديدة لم تغفل بإذن الله عن هذا الجانب، وتحرص ضمن أهدافها العامة على وصول الماء الصالح للشرب لكل منزل والمحافظة على التنمية الزراعية وتنمية الموارد المائية بأسلوب اقتصادي فعال ودون تقليص المساحة الزراعية بل استغلال الموارد المائية الاستغلال الأمثل بجلب المياه أولاً، واستخدام أسلوب الري بالتنقيط في الزراعة ثانياً، والاستفادة من الموارد المائية الأخرى في الزراعة وغيرها، وهذا كله ركيزة أساسية من ركائز الأمن الغذائي للمملكة العربية السعودية.