الرياض - «الجزيرة»:
شدَّد خبير اقتصادي سعودي على أن أهمية الأخذ بالتنمية والنمو الشامل ورفع التنافسية لتحقيق الأمن الاقتصادي بات من أهم عوامل الأمن الوطني وسط التغيرات الهيكلية في النظام الدولي وتسارع العولمة الاقتصادية وتشابك العلاقات، مؤكداً على ارتباط النمو والتنمية الاقتصادية بالاستقرار السياسي.
جاء ذلك في محاضرة ألقاها الدكتور رجا المرزوقي أستاذ الاقتصاد وكبير المستشارين الاقتصاديين بوزارة الاقتصاد والتخطيط السعودية، في معهد الأمير سعود الفيصل للدراسات الدبلوماسية بالرياض، مؤخراً، بعنوان «الأمن الاقتصادي وأهميته في الأمن الوطني في ظل التغيرات الدولية».
ولفت إلى التغيرات الهيكلية في النظام الدولي والعلاقات الاقتصادية، لاسيما مع تسارع العولمة الاقتصادية التي جاءت نتيجة للتطورات في الاتصالات ووسائل النقل وانخفاض التكاليف وثورة المعلومات وتخفيض عوائق ومخاطر الاستثمار والتجارة بجانب تحفيز الحكومات لتنافسية الدولة وجذب الاستثمارات وتشجيع الصادرات.
وبحسب المرزوقي، أدت المتغيرات الدولية لتشابك العلاقات الدولية بين دول العالم من خلال نظام النقد الدولي، وحركة رأس المال ورأس المال البشري وتنامي التجارة الدولية، موضحاً أن العولمة أدت لتلاشي الحدود الاقتصادية، والاعتمادية المتبادلة، ودوام البحث عن الكفاءة و تسارع النمو في تجارة السلع الوسيطة (سلسلة القيمة المضافة، سلسلة العرض).
وأوضح أن تلك العوامل ساهمت في الربط بين العلاقات الاقتصادية والسلم الدولي، مفيداً بأن أهمية الاقتصاد في العلاقات الدولية بين دول العالم اتضحت عبر الاعتماد الاقتصادي المتبادل والعلاقات الدبلوماسية، وتزايد أهمية التبادل التجاري والاستثماري بين الدول كسبب مهم للسلم، إذ ترتفع تكلفة الصراع في ظل وجود مكاسب اقتصادية متبادلة بين الدول، ما يؤدي إلى تراجع احتمالات الصراع لأثره السلبي على مستوى الرفاه الاجتماعي في البلدين المتنازعين.
وقال خلال المحاضرة «الدول التي تدخل في تبادل تجاري ذي منفعة للطرفين لا ترغب في الدخول في صراع... هي العلاقة العكسية بين التبادل التجاري والصراع السياسي»، مستطرداً «لذا فإن زيادة التعاون الاقتصادي بين البلدين ستؤدي إلى انتشار السلم».
وهنا، يشير الخبير الاقتصادي المرزوقي إلى تطور مفهوم الأمن الوطني بمرور الوقت متأثرًا بالتفسيرات النظرية للعلاقات الدولية وكذلك الأحداث التاريخية والتغيرات الجوهرية في العالم التي أسهمت في تشكل المفهوم، مفيداً بأن الاستقرار والسلامة والحماية والتحرر من الخوف والتهديد والصراع من أهم الموضوعات التي تتناولها أدبيات الأمن الوطني.
ويرى المرزوقي أن المرحلة التي تزايدت فيها العولمة ونظام ما بعد الحرب العالمية الثانية اتسمت بتوسيع نطاق الأمن الوطني ليستوعب متغيرات العولمة، مبيناً أن العديد من الدراسات تركز على الأفراد والمخاطر والتهديدات التي تواجههم وبشكل أقل على الدولة.
ويوضح المرزوقي أن الأمن الوطني هو نتاج الأمن السياسي، والاجتماعي، والاقتصادي، والبيئي، والسيبراني، والعسكري، وهو الأمر الذي يعظم أهمية الأمن القومي لبقاء واستمرار الدولة، حيث يكون من أهم أهداف الحكومات التي تسعى لتحقيقها، مشددا على أن الأمن الاقتصادي هو الأساس في هذه المنظومة.
ويضيف «تأثير الأمن الاقتصادي على بقية عناصر الأمن أعلى من تأثير أي منها على الآخر، كما أنه يكاد يكون المتغير الأكثر تأثرًا وتأثيرًا بمتغيرات الأمن الأخرى وذلك لارتباط النمو الاقتصادي والتنمية الاقتصادية بالاستقرار السياسي والاجتماعي والأمن الداخلي ووجود الحد الأدنى من القدرات العسكرية».
ووفقاً لأستاذ الاقتصاد المشارك بـ «معهد الدراسات الدبلوماسية»، أصبح استخدام السياسات الاقتصادية لتحسين تنافسية الاقتصاد الوطني مع بقية دول العالم هو الأداة الأكثر فاعلية لتحقيق المكاسب الاقتصادية، لافتاً إلى التغيرات في التعاون الدولي الاقتصادي وتقليل الصراعات والحروب والاعتماد على تحسين التنافسية وفتح الأسواق بالإضافة للثورة الصناعية الثانية والثالثة وخاصة في الاتصالات والنقل والإنتاج أدت لتسارع نمو الدخل الفردي العالمي بشكل غير مسبوق.