رمضان جريدي العنزي
الكنز الثمين ليس الملايين ولا التريليونات، ولا الذهب ولا الفضة، ولا المعادن النفيسة، ولا القناطير المقنطرة، ولا الثروات الهائلة، ولا الشهرة ولا المتعة، وأنما في الحشمة والفضيلة، والحياء والعزة والشرف، الذين يملكون هذه الصفات والمؤهلات، لهم أخلاق نبيلة، ونفوس كريمة، وبعيدون كل البعد عن الهوان والسقوط في مستنقع الرداءة، وعفن البذاءة، صائنون للحياة من كل خدش وكسر وعيب، ومعرضون عن الخطيئة. إن أهل الطهر والعفاف لهم عزة وطهر ونقاء وبهاء وسعادة وهناء، مملؤون بالسكينة والهدوء، تفوح منهم نسائم السمعة الطيبة، والذكر الحسن، كونهم يحملون مشعل الأخلاق الحميدة، والسلوك الحسن الجميل، ولهم معايير عالية الدقة في البراءة والعفة والحياء، لهم قيم رفيعة، أخلاق عريضة، ومقامات جليلة، وأينما توجهوا ونزلزا لا يأتون إلا بخير، أمّنا عائشة الصديقة -رضي الله عنها وعن أبيها- تقول (كنت أدخل بيتي وكان قد دفن في البيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبو بكر فكنت أقول لنفسي أبي وزوجي فأخلع وأضع ثيابي، فلمَّا مات عمر ودفن بجوار رسول الله وأبي استحييت أن أخلع ثيابي فكنت أشد ثيابي على نفسي حياء من عمر)، واستحيت فاطمة بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا ماتت أن يصلي عليها الرجال وهي في النعش بلا غطاء، فصُنع لها ما يغطي النعش كاملاً فارتضته رضي الله عنها وأوصت به إذا ماتت أن تغطى به، وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول عن عثمان بن عفان -رضي الله عنه- (ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة). إن الحياء والحشمة والفضيلة خير وبركة، وهي أسرجة منيرة، وأحصنة منيعة، وهي صفات كلها عز وسما وعلو وارتفاع. إن ذهاب الحياء، وضياع الحشمة، وفقدان الفضيلة، بلاء ومصيبة وقبح ودمامة، والحياة بلا حياء وحشمة وعفة غابة موحشة مظلمة، ومستنقع عميق راكد له رائحة كريهة نتنة، إن من ذهب حياؤه ذهبت مروءته، ومن ذهبت مروءته قل إحساسه، ومن قل إحساسه ضعف إيمانه، فهبط إلى الرذائل ومساوئ الأخلاق، وانحدر نحو متاهات الخذلان.