الجانب المضيء من كل شيء في الحياة هو ذلك الجانب الذي لا يُرى إلا من الذين فتح الله على قلوبهم، وأعطاهم بصيرة العلم والأخلاق.
فهؤلاء يُهونون صعوبة الدنيا وقسوة أهلها، ويُطلقون للخير العنان ليستبدل بسواد القلوب بياضًا، وظلامها نورًا، هؤلاء يعيدون للورود عطرها، وللسحب مطرها، وللقلوب المنكسرة جبرها.
إنهم يشرقون كلما غربت شمس العطاء، ويُشْرعون أبواب الأخلاق كلما أُغلقت بالخبث.
إن هؤلاء يحاولون أن يعيدوا للحياة اتزانها، وللخيّرين كرامتهم؛ فلا يطغى الشر ولا يذل الخير.
إنهم الجانب المضيء في المجتمع؛ فتراهم يغمرون من حولهم بحبهم وعطائهم، وتستضيء القيم بحكمتهم، ويمنحون الحكمة قيمتها.
وهم الجانب المضيء في العمل؛ فتتجلى لديك المناصب وقد شغلها أهلها الذين اتخذوها سبيلاً لخدمة غيرهم.
وهم الجانب المضيء في العلم؛ فتغدو الرفعة في الدرجات العلمية علامةً على الرفعة في الأخلاق.
عندما ينهض الخيّرون بخيرهم، والعلماء بعلمهم، والقادة بحكمتهم سيسطع ذلك الجانب المضيء الذي سيقود الحياة حتمًا عاجلاً أو آجلاً؛ فالنور لا تغلبه الظلمة.
هكذا تستعيد الحياة معناها وحقيقتها؛ فلا الخبيث يغلب الطيب، ولا الوضيع يعلو على الرفيع، ولا الأحمق يسبق العالِم.
أيها الطيبون حافظوا على نور عطائكم ولا تسمحوا للمرتزقة بإطفائه، ولا تفرطوا بصلاح قلوبكم ولا تُمكّنوا الفاسدين من خرابها، وكونوا الجانب المضيء كلما أظلم جانب، واكتبوا التاريخ من جديد كلما زوّره كاتب.
** **
- أنوار الفرس