ميسون أبو بكر
الرحلة الطويلة على الخطوط السعودية من باريس إلى الرياض مكنتني من مشاهدة فيلم رائع تابعت تكريمه والحديث عنه في وسائل الإعلام المختلفة، وحين أخبرك عزيزي القارئ أن أبطاله جورج كلوني وجوليا روبرت ستكون متأكداً من جودته، لأن هناك ممثلين صنعوا لهم نجومية كبيرة واختياراتهم في الفن مدروسة.
Ticket paradise تذكرة إلى الجنة فيلم فكاهي رومانسي ابتعد عن الإسفاف الذي يتجه له بعض المنتجين لجذب جمهور أكبر، وقصته ذات مغزى، حيث اقتصرت معظم الأفلام اليوم على الأكشن أو الإسفاف العاطفي ولا أطيل الحديث عن وضع الفن في الوطن العربي الذي فيه أعمال تشبه إلى حد كبير المسلسلات التركية المدبلجة البعيدة عن الواقع وعن طرح قضايا قد تهم المجتمع وقد تعالج ظواهر كثرة كالطلاق مثلاً أو حياة المراهقات والمراهقين وقضايا عديدة.
الفن متعة وترفيه ومحاكاة للواقع، والفن الذي يتكئ على إثارة الغرائز أو يبتعد عن حقيقة المجتمع هو فنّ فاشل لا يبقى ولا يترك الأثر طويل المدى، أحد الأصدقاء الفرنسيين من أصل عربي حدثني عن فيلم سعودي أعجبه وأبهره أنه عرف أن هناك طريقاً يعد اطول طريق مستقيم في العالم وهو يصل بين منفذ البطحاء الجنوبي ودولة الإمارات العربية ومناطق أخرى دون انحناءات، والطريق السريع 10 مسجل لدى موسوعة جينتس، وعلى قدر أهمية اتخاذ الفيلم السعودي القصير هذا المحور المهم على قدر ما جاء بعيدا عن الواقع السعودي، جاء شبيها بأفلام الآكشن وقد شكرت الرجل على انبهاره بهذا الطريق الذي عرفه عن طريق -الفيلم- ووضحت له أن الأمن والأمان في الطرق في المملكة تعد الأكثر عالمياً ولا يوجد مخاطر سوى الحوادث التي تنتج عن انشغال السائق بجواله أو السرعة، وسابقاً عبور الإبل الشوارع وقد أصبحت أقل من قبل نتيجة الوعي والتنبيه المستمر على ملاك الإبل.
الفن اليوم له قنوات أكثر من السينما والتلفاز تجعله يصل لشرائح أكبر لذلك لا بد ويكون فنا ذا قيمة، ولا أقصد أن يعطي العبر وأن يكون كصف مدرسي أو جلسات علاجية.
تحية للفن حين يكون عالياً يرتقي بالمشاهد وحين يترك أثراً عميقاً وحين يحاكي الواقع ويعبر الحدود، نتوق لفن يصنعه نجوم حقيقيون ينتمون لمدرسة الحياة والجمال ولا يسلكون فيه الخط السريع للشهرة الذي قد يؤدي لحوادث تؤدي للوفاة، الفن الذي ننظر لأفراده كنجوم في السماء والذين لا يتحولون لمادة اعلانية يومية متهالكة على السناب والتيك توك، فتبقى حياتهم الخاصة ملكهم وحدهم وغير قابلة أن تُتَداول على مسرح الحياة، تحية لنجوم الفن القديم والذين أسدلوا الستار على خصوصيتهم وما تبقى من حياتهم ليعيشوا بسلام ولتبقى صورتهم المشرقة كما هي في ذهن جمهورهم.