سهوب بغدادي
استنادًا إلى المسلسل الشهير Emily in Paris الذي يحكي قصة شابة أمريكية طموحة مختصة في علوم الاتصال حصلت على فرصة عمل غير متوقعة في باريس لتبدأ في رحلة تعلم اللغة الفرنسية والتعرف على أهل البلد وعاداتهم ومحاولة محاكاة حياتهم اليومية، أنتهز الفرصة اليوم لأحكي لكم قصة إيميلي في السعودية، إيميلي شابة صينية طموحة أيضًا حصلت على فرصة عمل غير متوقعة لمدة عام في المملكة العربية السعودية تحديدًا في العاصمة الرياض، بداية قصتها عندما قدمت للرياض وباشرت عملها في المدينة الرقمية، فهي تعمل في مجال الاتصال والعلاقات العامة، وتعمل كصحافية في أكبر صحيفة في بكين الصينية، فهي لا تزال جديدة في المدينة ولا تعرف الكثير من الأشخاص سوى في حدود أروقة الشركة التي تعمل فيها، لذا قررت الخروج والاختلاط بأهل البلد، فكانت وجهتها الأولى إلى المنتدى السعودي للإعلام 2، دخلت المحفل وكان ممتلئًا بالشخصيات المعروفة محليًّا وعربيًّا وعالميًّا التي شعرت بأهميتهم على الرغم من عدم معرفتها بهم، ومن ثم توجهت إلى المعرض الذي أقامته وكالة الأنباء السعودية عن صحيفة أم القرى التي أكملت عامها المائة في العام الماضي، فلمحت نسخة من الصحيفة التي بدت وكأنها من زمان مختلف، فسألت الموظف هناك، ما هذا؟ هل يمكنك الشرح قليلاً بالإنجليزية؟ فرد عليها للأسف لا يوجد شرح بالإنجليزية، فقالت حسنًا سأذهب، استمعت إحدى الحاضرات إلى ما دار من حديث بين إيميلي والموظف فقالت لها «بلا تفضلي سأقوم بشرح كل شيء لك» فبادرت إيميلي بسؤالها هل أنت موظفة هنا؟ فقالت كلا ولكنني أحب أن أشرح لك عن هذه الصحيفة وبدأت في سرد ما تعرفه عن تاريخ صحيفة أم القرى والبيان الصادر فيها بتغيير اسم مملكة الحجاز ونجد وملحقاتها إلى اسم المملكة العربية السعودية وهو الاسم الحالي، وألقت الضوء على مدى أهمية هذا اليوم، ثم اصطحبتها إلى بقية الأركان التي تحوي أدوات الطباعة القديمة والأختام، مرورًا بمعرض صور لملوك المملكة وأبرز المشاريع التي وقعوا عليها ودشنوها، في أوقات مختلفة على مر الحقب الزمنية، من هنا، قامت إيميلي بسؤال الفتاة عن تخصصها فقالت الإعلام كمهنة واللغويات والترجمة الفرنسية والإنجليزية كتخصص، اندهشت إيميلي وقالت باللغة الفرنسية bonjour أنا سعيدة للقائك فكان هناك قاسم مشترك بين إيميلي والشابة السعودية فكلتاهما درستا اللغة الفرنسية كتخصص جامعي وتعملان أيضًا فيلإعلام، بلا شك بدأ الحديث يتشعب إلى أمور مغايرة للإعلام، وتخلل الحديث سلام الشابة على مختلف القامات الإعلامية والفنية وتقديمها لهم، إذ لقيت إيميلي ترحيبًا وحفاوة من الشخصيات و»كروت شخصية» كثيرة وقامت بدورها بإعطائهم «كرتها الشخصي» همت إيميلي بأن تقول وداعًا سأعود إلى العمل الآن «أعتقد أنني أخذت جولة كافية ووافية ورأيت ما يجب أن أراه» فقالت الشابة «كلا، ليس بعد» هناك ورش عمل وفعاليات في الطابق العلوي، وسأذهب هناك على أي حال، هلا رافقتني؟ ففعلت، انبهرت إيميلي بالركن الخاص بالرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، خاصة بصناعة ثوب الكعبة، والخيوط الصوفية التي تعلوها خيوط مذهبة، وأدوات غسل الكعبة من الداخل، والعطر الخاص أو ما يطلق عليه خلطة الكعبة، المكونة من 4 عناصر وهي ماء زمزم والعود والورد الطائفي والعنبر، فكانت الشابة تستمع للشرح وتنقل لإيميلي ما سمعت بشكل فوري، من ثم تنقل تساؤلات إيميلي للمختصين، حيث ألقت الضوء من خلال تساؤل عن حضور المرأة السعودية في مجال صناعة ثوب الكعبة، وأخذت كتيبات قيمة عن مكة والمدينة مترجمة إلى الصينية لحسن الحظ، بعد ذلك أخذتها الشابة إلى ركن الخط العربي للفنان المبدع محمد الحمد فطلبت الشابة منه أن يكتب لها اسمها بالعربية وجلستا لتتجاذبا أطراف الحديث الشيق، كان الوقت قد مضى بسرعة حتى أخبرتها إيميلي أنها ستعود لعملها وطلبت منها أن تحدد موقعها على الخارطة لتطلب سيارة أجرة، فأبت الشابة قائلة «سأقلك إلى مقر عملك»، وفي طريقهما إلى بوابة الخروج، داهمها التلفزيون السعودي وطلب منها أن تعبر عن مشاعرها حول المنتدى، كانت سرقت النظرات للشابة خلال اللقاء لتشعر بالدعم، وبالتأكيد شجعتها الفتاة من خلف الكاميرا، وأبرز ماقالته على التلفزيون»إنني سعيدة في المنتدى الناجح، لقد كسبت صديقة اليوم» ابتسمت لها الشابة السعودية عندما سمعت تلك الكلمات، بعدها ذهبت إيميلي مع الشابة لتوصيلها وكانت 20 دقيقة مليئة بالقصص والأحاديث الملهمة عن الماضي والآمال والأحلام المستقبلية، إذ كان الغطاء الطاغي للنقاش تطور المملكة وانبهارها بالمرأة السعودية وقوتها ودورها، وانتهى اليوم الجميل بالنسبة للشابتين إلا أنه كان بداية لصداقة جديدة فريدة من نوعها، عند خروج إيميلي من السيارة قالت»أرغب بأن أعرف أكثر عن السعودية فليس كل ما يقال عنها حقيقيًّا لقد رأيت الآن بأم عيني».
رسالة الشابة «أصبحت المملكة بوصلة للعالم أجمع من خلال التطور الملحوظ والمميز على كافة الأصعدة، لذا تحتضن محافل ضخمة وفعاليات بارزة، فكل محفل يقدم قيمة للمؤسسات العالمية بالتأكيد، والأهم من ذلك القيمة العائدة والمنعكسة على الأفراد بشكل مباشر مثل ما تقدم في قصة إيميلي، فهناك الكثير ممن يأتون للمحافل بهدف التواصل وخلق العلاقات ومعرفة البلد وأهل البلد بشكل حقيقي، فيجب أن نعامل المحفل كوسيلة اتصال وفرصة لعكس قيمنا وهويتنا المنطلقة من الدين الإسلامي المعتدل، وأساسات الثقافة والتقاليد الخالدة المتمثلة في معاني الطيبة الحفاوة والكرم وغيرها، إنه ليس مجرد مؤتمر أو منتدى أو حفل إنها القوة الناعمة، وكل سعودي سفير لوطنه بالمتاح وقدر الإمكان».