الأدب من الفنون المهمة التي تسهم في توجيه الثقافة والمعرفة لدى الشعوب، والأدب يسهم في بناء الإنسان الفعال القادر على صناعة التاريخ، والمشاركة الإيجابية وعمق في الدفع الحضاري، حيث يرتبط الأدب بروح الأفراد والجماعات، فضلاً عن كونه أحد عناصر التربية الضرورية لتوجيه الإنسان نحو الترقي الحضاري.
وفي إطار هذه الحضارة يشكل الأدب تراثًا متميزًا، يعبر عن شخصية الأمة وثقافتها، ويدافع عبر العصور عن هويتها، وعن مميزاتها حين كانت تبرز في الآفاق من حين لآخر الأخطار والتحديات. ولم يكن الأدب الذي شهده التاريخ وحده سائدًا في الساحة الثقافية، فقد كان هناك أدب يناقضه في المبدأ والاتجاه، ممزوج بأفكار أهل الأهواء والغفلة، مما يؤدي إلى إضعاف القاعدة الفكرية والقوة الروحية للأمة، ويسهم في ذلك السقوط الحضاري الذي عاشته الأمة العربية في سنواتها الضعف.
وشهد العصر الحديث تحديات كثيرة، وأخطارًا متنوعة بسبب الاستعمار والتمزق والتخلف، وبسبب الصراع الحضاري بين الشرق والغرب، فكان للأدب حيز من الاهتمام، حيث بذلت الجهود لإعادة الأدب إلى دائرة الرؤية الصحيحة في التعبير عن الحياة والكون والإنسان.
إن الأدب بنحو عام رسالة في الحياة، وليس هو فناً مطلقاً يقصد منه مجرد الفن، والأدب الطبيعي أو الأدب الذي يرتبط برسالة سامية في المجتمع، وبهذه الرسالة يكتسب مكانته وقيمته الحقيقية بوصفه راعيًا لقيم الخير في المجتمع، وموجهًا للثقافة النافعة التي تسهم في البناء الحضاري.
الأدب الطبيعي هو الأدب الهادف السليم، الدافق بالحيوية، المتدفق بالقوة، الذي يحمل رسالة سامية إنسانية عالمية، وهو الأدب الذي يحمل في طياته قيم الحضارة، له وظيفة خطيرة في المجتمع، لأنه أدب ملتزم بحمل قضايا الفكر والمعرفة والثقافة السليمة، وقيم الخير والعدل.
أما الأدب الصناعي فيتجه اتجاهاً سلبياً تغلب عليه الصنعة والنفاق، والشهوة والانحراف، ويفقد شيئاً فشيئاً قيمته الروحية والاجتماعية. هذا هو الأدب الذي يهدف لتسلية النفس دون إعطاء القيم الإيجابية، وهذا النوع من الأدب يبعث السلبية والركود في المجتمع.
الأدب من أكبر الوسائل للوصول إلى الأهداف النبيلة وللتأثير في النفس الإنسانية. والأدب الطبيعي هو أداة إيجابية لها أثر تغييري في الحياة، لأنه وسيلة من الوسائل المهمة في البناء النفسي، وتغيير النفوس، حيث الأدب في تكوينه العام مرتبط بالنفس الإنسانية، وهو تعبير صادر عن قواها الوجدانية والفكرية.
الأدب الطبيعي هو الأدب الذي يستطيع أن يبعث في النفوس روحاً جديدة يحمل من خبرة صادقة، وأفكار حية، قيم نافعة، أما الأدب الصناعي فهو الأدب المزخرف، يهدف إلى إثبات البراعة في التنميق، والتحبير وأحراز الشهرة، واليوم لقد أصبح هذا الأدب السائد بين الناس، كأنه تماثيل وصور لا حياة فيها. أما الأدب الطبيعي، فما زال تأثيره مستمرًا، والسر وراء تأثيره يكمن في قوته وجماله، وكونه خالياً من السجع والبديع، ومن التكلف والزخرفة.
الأدب الطبيعي هو الكلام إذا خرج من القلب كان محله القلب، وهذا هو الأدب الحي الذي يستطيع أن يحرك النفوس ويبعث فيها الثقة والرغبة في العمل الجاد المثمر، فالأدب الطبيعي هو الأدب الذي مرتبط ارتباطاً وثيقاً بازدهار الحضارة ونهضة الأمة.