واس - الرياض:
تأسست الدولة السعودية على يد الإمام محمد بن سعود عام 1139هـ / 1727م، وانطلقت من عاصمتها الدرعية رحلة بناء دولة عظيمة قبل ثلاثة قرون. وتحلّى الإمام المؤسس برؤية ثاقبة، فقد درس الأوضاع التي كانت تعيشها إمارته، والإمارات التي حولها بشكل خاص ووسط الجزيرة العربية بشكل عام، وبدأ منذ توليه الحكم التخطيط للتغيير عن النمط السائد خلال تلك الأيام، فأسّس لمسارٍ جديد في تاريخ المنطقة تمثّل في الوحدة والتعليم ونشر الثقافة وتعزيز التواصل بين أفراد المجتمع والحفاظ على الأمن، كما كان محباً للتأمل والتفكّر وهو ما يدل على شخصيته في الاستقراء والتأني والرؤية المستقبلية.
ولد الإمام محمد بن سعود بن محمد بن مقرن عام 1090 هـ / 1679 م، ونشأ وترعرع في «الدرعية» وعرف عنه صفات متعددة، كالتديّن، وحب الخير، والشجاعة، والقدرة على التأثير، كما استفاد من التجربة التي خاضها في شبابه حين عمل إلى جانب والده في ترتيب أوضاع الإمارة، وهو ما أعطاه معرفة تامة بكل أوضاعها، وشارك الإمام في الدفاع عن «الدرعية» عندما غزاها سعدون بن محمد زعيم بني خالد في الأحساء، فصمدوا ودحروا الجيش المعتدي. والإمام محمد بن سعود امتداد لتاريخ أسلافه الذين بنوا الدرعية وحكموها، وانتقل بها من دولة المدينة إلى دولة واسعة، وتولّى الحكم في أوضاع استثنائية في منتصف 1139 هـ ( فبراير 1727م )؛ فقد عانت الدرعية قبيل توليه الحكم من ضعف وانقسام لأسباب متعددة، وانتشار مرض الطاعون في جزيرة العرب خلال تلك الفترة وتسببه في وفاة أعداد كبيرة من الناس. ومع كل هذه التحديات استطاع الإمام محمد بن سعود أن يتغلّب عليها وأن يتخطاها ويوحّد الدرعية، وأن يسهم في نشر الاستقرار في منطقة العارض.
أبرز أعمال الإمام محمد بن سعود: تم تأسيس الدولة السعودية الأولى وتوحيدها وبناؤها في عهده خلال أربعين عاماً، ومن أبرز أعماله خلال الفترة 1139 / 1158 هـ الموافق 1727 / 1745م، توحيد شطري الدرعية وجعلها تحت حكم واحد بعد أن كان الحكم متفرقاً في مركزين، والاهتمام بالأمور الداخلية وتقوية مجتمع الدرعية وتوحيد أفراده، وتنظيم الأمور الاقتصادية للدولة، إضافة إلى بناء حي جديد في سمحان وهو حي الطرفية، وانتقل إليه بعد أن كان حي غصيبة مركز الحكم مدة طويلة. كما نشر الاستقرار في الدولة في مجالات متنوعة، والاستقلال السياسي وعدم الولاء لأي قوة، في حين أن بعض بلدان نجد كانت تدين بالولاء لبعض الزعامات الإقليمية، كذلك إرساله أخيه الأمير مشاري إلى الرياض لإعادة دهام بن دواس إلى الإمارة بعد أن تم التمرد عليه بناء على طلب دهام المعونة من الدولة السعودية الأولى، والتواصل مع البلدات الأخرى للانضمام إلى الدولة السعودية، وقدرة الإمام الكبيرة على احتواء زعاماتها وجعلهم يعلنون الانضمام للدولة والوحدة، وبناء سور الدرعية للتصدي للهجمات الخارجية القادمة إلى الدرعية من شرق الجزيرة العربية.
ومن أبرز ماقام به الإمام محمد بن سعود خلال الفترة 1159 / 1179 هـ الموافق 1746 / 1765م ، بدء حملات التوحيد، وتوليه قيادتها، وتوحيد معظم منطقة نجد وانتشار أخبار الدولة في معظم أرجاء الجزيرة العربية، والقدرة على تأمين طرق الحج والتجارة فأصبحت نجد من المناطق الآمنة، بالإضافة إلى نجاحه في التصدي لعدد من الحملات التي أرادت القضاء على الدولة في بدايتها. وتوفي الإمام محمد بن سعود عام 1179 هـ/ 1765 م، بعد أربعين عاماً من القيادة والتأسيس.
وله من الأبناء وهم: عبد العزيز، وعبد الله، وسعود، وفيصل وعلي ومرخان ومن البنات هيا وطرفة.