محمد سليمان العنقري
انعقاد المؤتمر السعودي للإعلام مناسبة مهمة للوقوف على الواقع الإعلامي العالمي والمحلي لمعرفة أين تتجه البوصلة في تطور تقنيات ومهارات الإعلام وصناعة المحتوى, فعالم اليوم تحكمه ثورة اتصالات وتكنولوجيا متطورة جداً, وتستخدم الذكاء الاصطناعي لتوجيه المعلومات لكل فرد حسب استخدامه واهتمامه للمواقع الاخبارية أو وسائل التواصل الاجتماعي, ولذلك كان الكثير يستغرب أنه عندما يبحث عن معلومة معينة يجد في أقرب بحث آخر أو زيارة للشبكة العنكبوتية أن العديد من المعلومات تظهر له عن ما بحث عنه سابقاً, فجنح البعض إلى أن ذلك من قبيل التجسس عليه أو أهداف تسعى لها منظمات عالمية هدفها السيطرة على العالم بينما الأمر بكل بساطة هي من خصائص تقنيات الذكاء الاصطناعي والخوارزميات التي بنى عليها كل موقع بحيث هو من يوجه لك العديد من الاقتراحات للمزيد من المعلومات عن ما تبحث عنه حتى في لحظة البحث الأولى لك عن الموضوع محل اهتمامك فهي طريقة لتسهيل إحضار كل الخيارات أمامك تماماً كما يحدث مع أي زبون لأي متجر عندما يعرض عليه أنواعاً عديدة للمنتج الذي يبحث عنه ليختار من بينها.
فالإعلام سلاح ذو تأثير بالغ جداً في أي قضية يمكنه أن يصنع رأياًعاماً أو يركز الاهتمام على جانب ويطفئ النور على جوانب قد تكون أكثر أهمية وفيها تكمن الحقيقة ولذلك مع الواقع التكنولوجي الذي يعيشه العالم اليوم أصبح تدفق المعلومات هائلاً والأكثر خطورة أنه عشوائيٌّ في كثير من الأحيان فتجد عدة روايات عن خبر واحد ودون تدقيق من قبل العامة في مدى مصداقية كل مصدر لذا لابد من إعادة التذكير والتثقيف للمتلقي بكيفية معرفة موثوقية مصدر أي معلومة أو خبر فلم تعد المخاطر منحصرة في التضليل بالأخبار الرسمية إذ يمكن تصحيحها من قبل الحكومات كونها تملك أجهزة ووسائل إعلام وتواصل عديدة تمكنها من إيصال رسالتها لكن أصبح هناك استخدام لوسائل التواصل وهي جزء من الإعلام الجديد فيها الكثير من العبث والتأثير على المتلقي فمثلاً تستخدم هذه الوسائل للترويج لأدوية أو نصائح طبية أو مكملات غذائية بطرق تحاكي احتياج كل فرد يبحث عن حل لمشكلة لديه فيقوم المسوقون عبر هذه الوسائل بداية بالتصوير وخلفهم أرفف مليئة بالأدوية أو صور لمجسمات طبية ويرتدي ملابس الأطباء أو الصيادلة لتأكيد المصداقية بأن من يحدثهم متخصص ويشرح عن المنتج الذي يسوق له بأسلوب يعطي انطباعاً بأن ذلك المنتج هو الحل السحري لكل الأمراض أو احتياجات الجسم وهو أمر بالغ الخطورة إذ ينبغي أن تؤخذ كل هذه الوصفات من طبيبك الذي يقدر ما هو احتياجك وفق فحص وتحليل دقيق لحالتك الصحية فالاستخدام السلبي لتلك الوسائل بقضايا تتعلق بالصحة العامة للبشر تمثل خطورة بالغة جداً. يضاف لذلك الكثير من المغالطات التاريخية المقصودة لمعلومات عن قصص وروايات تاريخية الهدف منها تشويه تاريخ أمة او دولة ما وبث التشكيك في ماضيها وكذلك قلب الحقائق فالوعي لدى المحتمع هو الحل لتقليل ضرر مثل هذه المغالطات وذلك عبر رفع بمستوى المناهج التعليمية وكذلك للدور الهام للإعلام وللجهات المسؤولة عن الثقافة كما أن للفن رسالة مهمة بتوثيق التاريخ فالدفاع والتحصين من هذا التدفق العشوائي الممنهج للمعلومات لابد وأن يتم عبر خطة استراتيجية متكاملة من كافة الاطراف المعنية بالمشهد الثقافي والإعلامي والتعليمي.
العالم اليوم أصبحت الحروب فيه عديدة بأنواعها ولا تقتصر على الشق العسكري فهناك الحروب التجارية والاقتصادية والسيبرانية ولعل أكثرها تأثيراً بعد العسكري هو الحرب الإعلامية التي هي متلازمة مع أي نوع من الحروب فهي تشكل صوراً تؤثر على مسار فكري وثقافي للبشر الذين هم عماد نهضة أي امة أو دولة فلا يمكن إغفال دور الإعلام بكافة وسائله في نجاح أي خطة أياً كانت اقتصادية أو اجتماعية أو تعليمية أو صحية فالإعلام قد يكون أكثر القطاعات حاجةً للتطوير والإنفاق والدعم لأنه أحد الحصون المنيعة لقوة أي مجتمع.