صلاح بن عبدالعزيز الحسن
جاء أمر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز «يحفظه الله» بأن يكون يوم 22 فبراير يوماً وطنياً لذكرى ذلك العهد بدايةً من الإمام محمد بن سعود مؤسس الدولة السعودية الأولى عام 1139هـ/ 1727م. ليؤكد جذور هذا الكيان العظيم الشامخ المملكة العربية السعودية.. وليحفظ تاريخ تلك الحقبة من البناء والتوحيد والتضحية لأناس نذروا أنفسهم وأموالهم وقواتهم في سبيل رفع راية التوحيد والدفاع عنها وحفظ بيضة الإسلام...
وحفظ الأمن ونشر الاستقرار والطمأنينة في هذه البقعة المباركة المملكة العربية السعودية..
وقد جاءت هذه اللفتة الكريمة من لدن خادم الحرمين «حفظه الله» وهو رجل التأريخ والقارئ المتبصر في كتبه وأحداثه، ورجاله، إكراماً وحفظاً وامتناناً لأولئك الرجال.. واستثارةً لأهل العلم وأقلام الكتاب ورجال الإعلام لتسليط الأضواء على تلك الحقبة المهمة المفصلية من التأريخ. والتعريف بهم وتضحياتهم وإحياء ذكرهم «رحمهم الله».
وعوداً على ذي بدء..
فعندما تولى الإمام محمد بن سعود الحكم في الدرعية، بدأ بالعمل على تأسيس الدولة وتوحيدها وتأمين الاستقرار داخلها وفي محيطها من البلدات والأقاليم والمجتمعات، وحماية طريق الحج والتجارة. كما عمل على تنظيم الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للدولة والمجتمع، والتوسع في البناء وتنظيم أسوار الدرعية لاستكمال وصياغة حقبة جديدة من التاريخ. ثم انطلقت الدولة بعد ذلك للبدء بتوحيد المناطق في نجد لتشكل بداية المرحلة الأولى من توحيد الدولة السعودية الأولى الذي اكتمل في عهد أبنائه وأحفاده حتى عهد المؤسس وباني الدولة العصرية الحديثة الملك عبدالعزيز «يرحمه الله»... إلى يومنا هذا في عهد الحزم والعزم والرخاء والرفاهية والطمأنينة والريادة لآفاق المستقبل...ونتطرق في هذا المقال لجزء مشرق من تاريخ بعض أمراء وقادة تلك الحقبة العصيبة والأحداث الجسيمة...، وما ورد في بعض الوثائق والمخطوطات التأريخية.. في الأرشيف السعودي الزاخر..
وبالتحديد في منطقة نجد وإقليم سدير. فقد جاء في (مخطوطة المؤرخ/ إبراهيم بن عيسى نقلها الأديب/ عبدالله البسيمي).. أن (عثمان بن عبدالله آل بن حسن وابنه - عبدالله بن عثمان بن عبدالله*) عين في عهد الإمام/ عبدالعزيز بن محمد بن سعود.. وهو الإمام الثاني للدولة السعودية الأولى ولد عام 1133هـ/ 1721م ، وتولى الحكم بعد وفاة والده واستأنف بناء الدولة السعودية الأولى.
ويقول والدي عبدالعزيز (رحمه الله) إن جدي محمد (الوارد ذكره في كتاب دارة الملك عبدالعزيز «رحلة الحاج من بلد الزبير بن العوام إلى البلد الحرام»، لمؤلفه/سعد الربيعة، 1429هـ، الرياض)، قد حج على ظهور الإبل ما يقارب خمساً وستين (65) حجة من بلدة الزبير إلى مكة المكرمة وقضى آخر أيامه بالدعوة إلى الله في الحرم المكي وقد اشتغل وأبناؤه بالتجارة والاستيراد.. في محل له بجوار المصيريعي وعبدالله السنكي بسوق الجفالي شرق الحرم المكي في الغزة..، وسكن حي المعابدة بجوار عمارة معالي الشيخ/ محمد ابن جبير (رئيس ديوان المظالم ورئيس مجلس الشورى سابقاً).. وقد ذكر لي مشافهةً الشيخ/ سليمان بن عثمان بن جبير (رحمة الله عليه) في منزله العامر بحي الروضة في العاصمة الرياض عام 1413 هـ،: أنه قابل جدي محمد في مكة وكان ذا سمت وهيبة وراعي علم وأنه كان يُحدث الناس في أروقة الحرم المكي.. رحم الله الجميع وغفر لهم.
وكان يتلاقى علي مع ابن عمه عبدالله بن عثمان بن حسن (راعي سمحة في مدينة حَرْمَة/شمال مدينة الرياض) حيث يجمعهم عنده شمال سمحة في (مكان المخطط الوقت الحاضر) من البادية والحاضرة، ويضموا القافلتين مع بعض ويتجهون نحو مكة للحج وكلهم أمراء حج ولديهم معرفة بالنجوم، ويتفرد عبد الله بالفراسة والذكاء الحاد، وكان يعرف عنه إذا جت محيلة في الديار (ادهرت) استقبل البادية وأكرمهم وحملهم من التمر والبر ما جادت به نفسه من الإكرام.
فحق لنا أن نفخر ونتفاخر ونزهو بقادتنا وولاة أمرنا وبهذا الوطن الشامخ ونباهي به الجميع في ذكرى هذا اليوم... ونسعد ونستذكر ملاحم وتضحيات أولئك الرجال المخلصين... رحمهم الله وغفر لهم وأسكنهم منازل الشهداء... وبارك الله وحفظ بلادنا المملكة العربية السعودية وولاة أمرنا من كل سوء..
ودامت أفراحنا أبد الدهر...
إنه ولي ذلك والقادر عليه...
** **
- الرياض