د. خالد بن عبد الرحمن الجريسي
في الثاني والعشرين من فبراير من كل عام، تسر النفوس وتنشرح الصدور ويعم الفرح مواطني المملكة العربية السعودية ومحبيها احتفالاً وابتهاجاً بيوم تأسيس الدولة السعودية الأولى على يد الإمام محمد بن سعود –رحمه الله- الذي أسس دولة آمنة مستقرة ومنهياً قروناً من التشرذم والتفتت والانقسام، وهو يوم فاصل في مسيرة بلادنا ويوم تاريخي يستحق منا جميعاً الوقوف عنده واستذكار كل الجهود والتضحيات التي بذلت في سبيل الوصول إلى هذا اليوم الأغر، والحدث الكبير في تاريخ الجزيرة العربية.
لم يكن إعلان تأسيس الدولة السعودية حدثاً عادياً، ولا إعلاناً عفوياً، ولم يكن ليحدث بمحض الصدفة أو الأمنيات إنما هو عمل كبير وجهود مضنية وتفكير عميق وتخطيط استراتيجي له أهداف مستقبلية كلها تصب في تحقيق الأمن والاستقرار والحياة الكريمة للمواطنين والنظرة المستقبلية لتكريس السلام والأمان والرقي وتثبيت أركان الحضارة والتراث والعلم والمعرفة ومحاربة كل أشكال الجهل والمرض والتوترات الأمنية والصراعات والنزاعات.
إن أحداث قيام الدولة السعودية الأولى في ذلك التاريخ وبالإمكانيات المتاحة آنذاك تدل على أن التأسيس فكر استراتيجي سابق للزمن ولمفهوم الدولة الحديثة بقرون، وأنه قوة وإرادة ووحدة وعودة إلى الجذور وإلى الأصالة والتراث، نستلهم منه وحدتنا وقوتنا وفخرنا بهذه الدولة الفريدة وارتباطها بالقيم التي تمثل الثقافة العربية والإسلامية الأصيلة.
احتفالنا بهذه الذكرى العزيزة على قلوبنا جميعاً يجسد حبنا للوطن واعتزازنا بالمؤسسين للدولة السعودية الأولى والثانية وبقيام المملكة العربية السعودية على يد الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله- واعتزازنا بإرثنا الثقافي والاجتماعي والحضاري، وتفاعل المواطنين مع هذه الذكرى يترجم تقديرهم لعظمة المواقف التي صنعت هذا الحدث التاريخي، وحجم التضحيات والجهود التي سبقت تأسيس الدولة السعودية الأولى في مثل هذا اليوم، كما أن الأهازيج التي تردد في الاحتفالات بيوم التأسيس تبعث بالحماس وتبث روح الانتماء للوطن وتعبر عن شعورنا العميق بالسعادة وإحساسنا الرائع بأننا ننتمي لهذا الوطن ولهذا التاريخ ونحظى بمنجزات الماضي وطفرات الحاضر وخطط ورؤى المستقبل الزاهر الواعد بإذن الله.
التطورات تتلاحق خلال كل فترات تأسيس المملكة، والمنجزات تسابق الزمن في كل عهد وفي كل مرحلة، إن تماسك المواطنين وتدافعهم وتفانيهم في خدمة الوطن وبذل كل غالي ونفيس من أجل الدفاع عن الوطن والذود عن حياضه والحفاظ على وحدته هو العون -بعد الله- في التطور والنماء والازدهار الذي تشهده المملكة والمستقبل الأجمل الذي تستشرفه في مقبل السنوات بإذن الله تعالى.
وقد استهدفت المملكة منذ قيامها في مراحلها المتصلة، وعهودها المتواصلة، إقامة نهضة شاملة ترمي إلى وضع المملكة في مكانها اللائق في الصدارة بين دول العالم، والارتقاء بالإنسان السعودي في معاشه وعمله وأمنه واستقراره وصحته وتعليمه ورفاهيته، فهو صانع الإنجاز وحامي المكتسبات وعضد ولاة أمره في كل زمان ومكان، ويستحق كل ما يبذل من أجل راحته وتوفير احتياجاته، وها هي خطط المملكة ورؤيتها الثاقبة 2030 تؤتي بوادر نتائجها المبشرة، وتحقق الكثير من مستهدفاتها بفضل الله ثم بتوجيه سيدي خادم الحرمين الشريفين، وجهود سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء - حفظهما الله.
الحمد لله الذي جعلنا من مواطني هذه الدولة المباركة، ووهبنا هذه القيادة الحكيمة، ونسأله تعالى أن يديم علينا وعلى بلادنا وقيادتنا نعمه ظاهرة وباطنة، إنه ولي ذلك والواهب لكل خير.