كانت منطقة نجد والجزيرة العربية عموماً، تعاني من الاضطرابات والصراع والحروب بين القبائل والمناطق، وكانت تلك الحروب تحدث لأسباب وأهداف لا تستحق هذا النزيف من الدماء والإهدار الكبير للطاقات والجهود.
كان الأمن المفقود هو العامل الكبير الذي أدى إلى هذه الفوضى وهذا المستوى من التخلف والتشتت والضياع، وعدم وجود نظام دولة يطبق هذا العامل الحاسم في حياة البشر.
حالة البؤس تلك دعت أصحاب العقول الكبيرة للتطلع للخلاص، ومن حسن الطالع لهذه المنطقة ولحظها العظيم، وبتوفيق إلهي، تقدم قائد شجاع صاحب رؤية مخلصة وعزيمة وحزم، بمبادرة عظيمة لتوحيد البلاد والعباد تحت راية واحدة وكلمة واحدة وقيادة واحدة، وتحقيق الأمن والاستقرار بعد عدة قرون من الفوضى والتشتت وانعدام الأمن.
كان ذلك هو الإمام محمد بن سعود - رحمه الله - الذي قام بتأسيس الدولة السعودية الأولى في عام 1139- 1727م.
وأود أن أركز مقالي هذا على جانب مهم ورئيسي، قامت به الدولة السعودية الأولى عند تأسيسها بالإضافة إلى إنجازاتها المهمة الأخرى.
الجانب المهم والإنجاز الكبير هو تحقيق الأمن والاستقرار للمناطق التي تحكمها.
والأمن كما هو معروف ركيزة أساسية للدولة الوطنية ماضياً وحاضراً ومستقبلاً.
والأمن بكافة أشكاله ذو أهمية كبيرة للأفراد والجماعات والمجتمعات، وهو الغاية التي سعت لها الحضارات والأمم على مر العصور، وتسعى إليها أيضاً المجتمعات والحضارات الإنسانية المعاصرة، كما أن مختلف الشرائع السماوية حثت على وجود الأمن باعتباره ضماناً لتطور واستمرار المجتمعات.
يعد الأمن من أهم مقومات حياة الإنسان وضرورة أساسية لكل جهد بشري، والأمن يحقق الهدف من خلافة الإنسان بالأرض ويسمح بالإبداع والتقدم، كذلك هو من المقومات الأساسية للتنمية والازدهار والارتقاء بكافة المجالات.
ومن يقوم ببسط الأمن هي الدولة الوطنية التي تتمثل بحاكم حازم مهاب، يعطي الأولوية للأمن والذي هو من الأعمدة الرئيسية لبناء الدولة المستقرة والمزدهرة وهو ضرورة قصوى لأي دولة أو مجتمع منظم.
وهو ما قام به الإمام محمد بن سعود عندما قام بتأسيس الدولة السعودية الأولى.
وعندما تحقق الأمن تحت سيادة الدولة اطمأن الناس وتآلفوا وازدهرت التجارة وتأمنت السبل والطرق للعابرين والحجاج، بعد أن كانوا عرضة للسلب والنهب وانعدام للطمأنينة وخوف على الأرواح والممتلكات وتسلط الأقوياء على الضعفاء في غياب سلطة الدولة، وعاشت المنطقة أسوأ أيامها بانعدام الأمن قبل قيام الدولة السعودية الأولى، ولعدة قرون بعد عهد الخلافة الراشدة، ولعدم وجود دولة مركزية تنشر الأمن في أرجاء البلاد.
حتى قيض الله هذا التأسيس المبارك لهذه الدولة العظيمة على يد الإمام محمد بن سعود.
وهذا ما حرصت عليه الدولة السعودية في كل مراحلها حتى العصر الحالي الزاهر، بتأمين الأمن الداخلي وتأمين الحدود الوطنية من الأعداء والعابثين.
فالجانب الأمني الذي قامت الدولة السعودية بترسيخه وتثبيته، حاسم ومصيري وأساسي ويجب أن ندرك نحن والأجيال السعودية المتلاحقة، وكل المهتمين بالشأن السعودي أهمية هذا الجانب الحاسم الذي يلعب دوراً مهماً ورئيسياً في تكوين الدول واستمرارها وازدهارها، ويجب عدم إغفاله أو تهميشه على حساب جوانب أخرى.
ومن البديهي أن الأمن لا يقوم إلا بوجود قيادة وطنية حازمة وهو ما قامت به هذه الدولة العظيمة المملكة العربية السعودية منذ تأسيسها الأول في عام 1727 وحتى الآن، وهذا يؤكد أن الناس والمجتمع عند التأسيس كانوا بحاجة إلى حاكم سياسي ودولة تنشر الأمن أكثر من أي شيء آخر، ولذلك أيدوا الدولة ومشروعها الوطني..
لذلك عندما نقول:
لا مساومة على قيادتنا وأمننا ووطننا، فإننا نعني ما نقول تماماً.
ولننظر ما حدث في التاريخ بالماضي وما نشاهده بالوقت الحاضر عندما افتقدت الأوطان قيادتها وأمنها ماذا حصل بها؟ من تفكك وانهيار وفوضى وانعدام للكرامة ولكل مقومات الحياة البشرية السوية.
في يوم التأسيس نقول: الحمد لله على نعمة الأمن وهذه القيادة الرشيدة، التي تقود البلاد إلى مزيدٍ من العزة والكرامة والتطور والازدهار، والآن بلادنا تتبوأ مركز القيادة للشرق الأوسط وشمال إفريقيا بشهادة مسؤولين غربيين، ومن دول العشرين الأكبر اقتصاداً بالعالم، ودولة مؤثرة عالمياً.
والحمد لله من عزٍّ إلى عز ومن تقدم إلى تقدم. نسأل الله الحي العظيم أن يحفظ قيادتنا الرشيدة ووطننا العظيم من كيد الكائدين وشر المعتدين..
وكل عام والوطن بألف خير..
** **
- اللواء الركن (م) خالد المرعيد