يعد المغفور له -بإذن الله تعالى- الشيخ حمود بن مشيقح بن عبدالله آل عزام واحداً من أهم رجال منطقة نجد في القرن الثالث الهجري فهو الجد الأول لأسرة المشيقح الشهيرة. وهو واحد من أكبر تجار المنطقة وأهم الأثرياء.
حمود بن مشيقح الأول
في أوج نمو الدولة السعودية الأولى وانتشارها في زمن الإمام (عبدالعزيز بن محمد آل سعود ابن مؤسس الدولة السعودية ولد حمود بن مشيقح وذلك في عام 1210هـ بمدينة بريدة وتعلَّم فيها القراءة والكتابة وتربى مع أسرته في كنف والده مشيقح بن عبدالله آل عزام الذي كان ميسور الحال ووجيهاً في المجتمع وله علاقات مع أمراء بريدة وكبار رجالات المنطقة.
حالته الاجتماعية
وجد في الوثائق أن حمود له خمسة أبناء وهم: (صالح) ومحمد وعلي وعبد الرحمن وعبد العزيز)، ومن البنات خمس تولى بنفسه الإشراف على تربية أبنائه ورعايتهم.
أسباب سفره
بعد سقوط الدرعية وانتهاء حكم الدولة السعودية الأولى كَثُرت الفِتَن والصراعات الداخلية بين القبائل فيما بينها وبين الإمارات والدويلات مما شجعه على الخروج من نجد إلى العراق وبلاد الشام فكانت وجهة حمود وأخيه عبد الله إلى العراق للعمل سَوِيًّا بالتجارة؛ فقد استقر عبدالله بن مشيقح فترة في (الزبير) واكتسب علاقات خاصة أثناء أعماله التجارية. وذلك نظير إخلاصه وأمانته. وتوسعت تجارته وقويت.
أسفاره وتجارته
كان حمود بن مشيقح يتاجر ما بين العراق والشام وتحديداً كانت لديه قافلة كبيرة من الإبل معروفة تنقل من البصرة إلى حلب عن طريق دير الزور ويقول عنه المؤرِّخ الشيخ محمد العبودي تدل الوثائق التي وصلت إلينا عن حمود بن مشيقح هذا وبخاصة وصيته أنه ثَرِيّ حقاً، وأنه يملك عقارات وأراضيَ زراعية عديدة لا يُتخيل أن شخصاً واحداً يملك مثلها؛ وخصوصاً أنها كلها يشملها ثلث ماله الذي أوصى به فما بالك إذا ضُوعِفت مرتين).
ويقول الرواة إنه كان لديه مال كثير من تجارته في العراق وعندما أنهى تجارته وعاد إلى بريدة كان معه قافلة مكونة من سبعين بعيراً محمَّلة بالبضائع المتنوعة؛ لذلك فهو يُعَد من أهم أغنياء بريدة فاشترى كثيراً من الأراضي والمزارع والبيوت والدكاكين لذا فهو يقرض ويدين الناس ويتضح من دفاتره أنها مليئة بأسماء الناس من المداينات والمتاجرة وشراء وبيع العقارات.
سبب عودته إلى القصيم
قبل حفر قناة السويس التي افتُتحت في عام (1286هـ 1869م) كانت معظم السلع والبضائع القادمة من الشرق تأتي عن طريق ميناء البصرة على رأس الخليج العربي متجهة إلى العراق، والشام، وتركيا وأوروبا فازدهرت حركة النقل بين العراق والشام فاستفاد حمود بن مشيقح هو وغيره من هذه الفرصة التجارية وهي النقل بقوافل الإبل وكان يعمل معه أعداد من الجَمَّالين، والحُرَّاس والرعاة، وغير ذلك وبعد أن بدأت قناة السويس تعمل بعبور السفن غَيَّرت موازين الحركة الاقتصادية، وتأثر كثير من رجال التجارة بالمنطقة الذين كانوا يعملون بتجارة النقل، حينها قرَّر حمود العودة والاستقرار النهائي في نجد بعد أن كان يتردد بين بريدة والعراق كما أن بريدة بدأت تبرز کمركز تجاري هام في نجد.
همة وعزيمة حمود
رغم أن ابنه عبد العزيز عرف بأنه أغنى رجل في نجد كما تقول المصادر إضافة إلى مكانته ومساهماته بماله وفكره، وجاهه أثناء توحيد المملكة ووقوفه المؤيد بقوة للملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود) إلا أن والده حمود الذي توفي قبل فتح الرياض بثلاثين عاماً كان لديه همة، وطموح لم تحصل لغيره في ذلك الوقت وهي شاهد علي ذلك إلى وقتنا الحاضر.
مصدر للمعلومات
إنَّ من يطلع على الوثائق المتعلّقة بتجارة حمود المشيقح من مبايعات ومداينات، ومكاتبات في أوراق، ودفاتر يدرك أنَّه أمام كنز من المعلومات المتعلقة بنجد وأهلها ما بين عامي (1200) إلى 1300 هجرية من أمراء ومشايخ وأعيان، وتجار وأسماء العملات الموجودة وبيان العقارات ومواقع وأسماء أحياء بريدة وتوابعها وأنواع الخطوط وكتابها فهي بحق مجال خصب للمعلومات المتعلقة بالأحوال الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في تلك الحقبة.
وفاته
توفي حمود بن مشيقح -رحمه الله- في سنة 1289هـ عن عمر يقارب الثمانين عاماً ودفن في مقبرة الخبيب.
** **
- عارف العضيلة