السنابات القبلية هي حسابات شخصية تم تحويلها بأسماء قبائل, كل شخص من هؤلاء قام بتسمية حسابه باسم عائلته أو قبيلته أو القبائل الكبرى التي ينتمون إليها مخالفين بذلك الأنظمة والقوانين والتي تنص على عدم التحدث بأسماء الآخرين, فما بالك بمن يتحدث ويجعل من نفسه متحدثاً وشاشة رسمية للقبيلة أو عدّة قبائل دون تخويل أو رضا منهم؟
بعض من هذه السنابات القبلية تعرض محتوى مقيتاً متنافياً ومتعارضاً مع العادات والتقاليد القبلية الحميدة, والتي وإلى وقت قريب لم تعرف مثل هذه السلوكيات والعادات التي أنشأها رواد هذه الحسابات, والتي قامت بدورها بالترويج لهم. جعلت من القبيلة والقبلية مادة ساخرة وكأنها تعرض مادة أشبه بالكوميديا السوداء. مما جعل منها نافذة للعنصرية والعنصريين وأصحاب الشخصية «الشو فينية» العائلية والقبلية, ونرى كل يوم على هذه الحسابات من المهازل الشيء الكثير، مدح مبالغ فيه, وإسقاطات يراد منها النيل من آخرين, وسلوك وعادات غريبة لم نعتد عليها ولم نسمع عنها سابقاً. مما أساء لتاريخ القبلية ومكارم الأخلاق.
كما أن هناك من استغل هذه الحسابات اللامسؤولة الخارجة عن الرقابة والبعيدة كل البعد عن المهنية الإعلامية لوضع تاريخ له رغم أنه لا يمتلكه أو تحريف تاريخ حسب الهوى والنفس بدافع المادة والمصالح الشخصية. فتاريخ القبيلة والقبائل موثق ومعروف ولا يحتاج لإصدارات جديدة لحدثاء العهد الذين أصبحت هذه السنابات هي شريان الحياة بالنسبة لهم، والمحزن أن هذه السنابات والحسابات القبلية أصبحت مادة ومحتوى كوميدياً للكثيرين بشكل عام, وللشباب بشكل خاص, خصوصاً أن الفئة الأعلى في المجتمع هم الشباب والذين يرفضون ويمقتون هذه الحسابات التافهة. فقد عبث محتوى تلك الحسابات المشين بسلوك بعض المراهقين والشباب وكبار السن، ورأينا مساوئها في بعض الأحداث التي حدثت من جرائم قتل ومشاجرات وخلافات بين أسر وقبائل، بمن يتفاخرون بأنسابهم ويرددون شعارات وشيلات القبيلة التي تعرضها تلك الحسابات العنصرية. فغدا هؤلاء في ظل وجود تلك الحسابات من خلفه والتي تقوم بجمع الملايين كديات يقدمونها لولي الدم حتى تسببت هذه الحسابات في قضية المتاجرة بالدماء، فأصبحت كأنها تجارة ووصلت لعشرات الملايين، وذلك عبر توزيع أوراق ونداءات لأفراد القبيلة كافة.
وتكملة لمشوارهم ومحتواهم فقد أثاروا الحماس والنعرات في شيلات بأصوات منشدين بأسماء قبائل أو أشخاص مما طغى على المجتمع حب الرياء والسمعة الشخصية مبتعدين عن العمل الخيري والمجتمعي الخالص لوجه الله سبحانه. حتى وصل بهم الأمر لمسيرات بأعلام تحمل أسماء قبائل بألوان مختلفة ليس علم الوطن الرسمي بل أعلام غريبة، كل قبيلة لها علم ولها شيلات مختصة بها، مما يثير الاستغراب والتساؤل، بعد كل هذا المؤكد أنه ليس بخير إن لم يحسم الأمر ويجتث هذا العبث.
مقالي هذا خوفاً على المجتمع المتماسك من إعادة العنصرية والتحزب، فلا يوجد أي حمية إلا للدين والملك والوطن فقط, حميتنا لديننا ثم لملكنا ووطننا بأطيافه كافة وكل مواطنيه الكرام على حدٍ سواء، كأسنان المشط، كما تعلمنا منذ الصغر في مجالسنا، ومن علمائنا الأفاضل وولاة أمرنا ومن إعلامنا الرسمي، وأيضاً خوفاً على العادات القبلية النبيلة. قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}. شعوباً وقبائل لنتعارف، لا أن نتنافس أو نتحزب أو نتفاخر بالشيلات والولائم المبالغ فيها والإسراف بالنعم والتجمعات والحفلات غير المبررة، وتمجيد من لا يستحق وتبجيل من يدفع أكثر، وتحريف الماضي من أجل مصالح الحاضر.
القبلية هي مكون أساسي لهذا الوطن، جميع القبائل كانوا لواءً واحداً تحت راية التوحيد بقيادة الملك المؤسس طيب الله ثراه، القبائل أكرمت الضيف والجار وعابر السبيل وحمت العادات الأصلية المستمدة من الدين الحنيف، فهذه الحسابات أساءت للقبلية في المقام الأول في تحريف العادات وإدخال عادات وسلوكيات دخيلة على القبلّية وعلى المجتمع.
ختاماً: هل وزارة الإعلام ستطبق قراراتها السابقة والتي تنص على إغلاق ومنع هذه الحسابات وما يشابهها ووضع حد لهذه الفوضى وهذا العبث، وإغلاق هذه الحسابات ببرامجها كافة، إغلاقا نهائياً، ومنع الشيلات القبلّية أو التي تمجد الأشخاص، وإلزام كل من أنتجها سابقاً بحذف ما تم عمله حتى لا يجدها جيل قادم، ووضع الضوابط والجزاء الرادع لكل مخالف.