عطية محمد عطية عقيلان
كان حدثاً أليماً، اهتزت معه الأرض بزلزال مدمر، شهدته تركيا وسوريا، أدى خلال ثوانٍ معدودة إلى حصد آلاف الأرواح البشرية وعشرات الآلاف من المباني ودمار في البنية التحتية والمستشفيات والطرق، وسط ظروف مناخية وشتاء قاسٍ، وصعوبات في عمليات الإنقاذ والتي تحتاج إلى جهود بشرية ومالية ضخمة، كانت هزة الطبيعة المزلزلة المؤثرة، هي امتحان لمشاعر ملايين الناس، وردات فعلهم الإنسانية عليها، حيث انطلقت بتوجيهات ملكية، عبر مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، حملة تبرعات شعبية لضحايا زلزال تركيا وسوريا، كانت من أوائل الاستجابات الإنسانية في العالم، من أجل تخفيف آثاره المدمرة، فتم عبر: منصة ساهم، وقبل انطلاقها، بلغ حجم التبرعات 13 مليون ريال، وخلال أيام معدودة (في أقل من أسبوع)، بلغ عدد المتبرعين أكثر من مليون ونصف مليون شخص، وبمبلغ زاد عن 337 مليون ريال، والرقم في ازدياد، وهي رد إنساني بالمساهمة بالمال على هذه الكارثة الطبيعية، وهي تعبر عن مشاعر الإنسانية والخير والعطاء في المواطنين والمقيمين على هذه البلاد المباركة، رافقها جسر جوي إغاثي يحمل معدات وطواقم إنقاذ بشرية، من جهات حكومية عدة، للمساهمة في عملية الإنقاذ والبحث عن ناجين، ومعالجة المصابين عبر الفرق الطبية، وتقديم الإيواء والملابس والغذاء للمتضررين، وتم رصد العديد من المواقف الإنسانية لهذه الفرق الرسمية والتطوعية، والتي تعمل ليل نهار، لمسابقة الزمن في بصيص أمل لإنقاذ وانتشال ناجين. ودوماً المحن والمواقف، تكشف معادن الناس، سواء على المستوى الفردي أو الشركات أو الحكومات، وتظهر معها الإنسانية والجانب الخير فيها، وتبرع ملايين الأشخاص وبمئات الملايين من المال، هي مؤشر إيجابي على الخير والرحمة وحب العطاء والشعور بالآخرين ومحاولة التخفيف عنهم، وفي كل تجربة وحملة شعبية تطلق في مملكة العطاء والخير، لمساعدة المتضررين من الكوارث الطبيعية، يهبُ ملايين الناس ويتبرعون بأغلى ما يملكون وهو المال، ويحرمون أنفسهم أحيانا من أجل كسب الأجر وتخفيف الآم الآخرين، وتعتبر أعلى مراتب الإنسانية هي العطاء بالمال وكذلك بالمساهمة التطوعية من أطباء ومنقذين وغيرهم، دون انتظار أجر أو عائد مالي، فقط من أجل مساعدة المتضررين وترك آثر والحصول على دعاء بالبركة والتوفيق، وهؤلاء الملايين هم الأمل ويجملون الحياة والمحفز للآخرين للبذل والعطاء، وهم قدوة مؤثرة بالأعال على ترك انطباع جميل تعكس قيم وتأثير ثقافة البذل والعطاء في المجتمع، وأن الخير باقٍ بهذه الأمة حتى قيام الساعة، وهي دعوة لنا جميعًا لتسليط الضوء عليها ومتابعتها والتنويه عنها ونشرها، من باب شكر المحسنين وتحفيز الآخرين للمساهمة في هذا العطاء والبذل الإنساني التي تحث عليه التشريعات الدينية والقيم جميعها، والرحمة لن تتوقف في كل موقف أو حدث يحتاج إلى مال أو عطاء من الناس، والحمد لله أن الأرقام لعدد المتبرعين والمتطوعين، دوماً بازدياد وتفاعل سواء كعدد أشخاص أو مبالغ مالية.
خاتمة: يقول مارك توين «جميل ذلك الشخص الذي يفهم معنى العطاء»، فالحياة قصيرة وما يجملها هؤلاء الأشخاص بعطائهم وإنسانيتهم، وهي دعوة لنقتدي بهم ويكونوا محفزين، ليكون عطاؤنا عادة حسنة نتعود عليها ونربي أولادنا ومن نحب لمداومة هذا العمل، ليصبح هذا السلوك عادة نتصف بها، وأفضل أنواع العطاء هي دون انتظار شكر أو مصلحة، سِوى احتساب الآجر والثواب من رب العالمين، مع أهمية أن العطاء ليس له شروط أو حدود، فقليلك قد يكون كثيرًا، لأنه كل ما تستطيع أن تقدمه، وهي منجاة يوم الحساب من عذاب الله، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أتقوا النار ولو بشق تمرة»، راجين الله سبحانه وتعالى أن نكون قدوة حسنة في العطاء والبذل بما نستطيع للمساهمة في تخفيف الآم ومصائب الآخرين.