م. بدر بن ناصر الحمدان
أجدني في كل مرة منبهراً بـ»مركز الدولة» حينما أشاهد مشروعاً عملاقاً ونوعياً، هذا المركز الذي يعد من أهم الأدوات الحضرية التي أسسها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لاستثمار وتوظيف مقدرات الوطن وتوجيه التنمية وتركيزها بشكل مرن، وهو ما ظهر على هيئة مشاريع تنموية غير مسبوقة ما كانت لترى النور.
لقد بات من الصعب جداً أن تستوعب مدارس التخطيط العمراني التقليدية التحول الفريد الذي يحدث في العاصمة الرياض تحديداً، لا على مستوى فلسفة التخطيط المكاني ولا حتى في حقل إدارته الحضرية، فنوعية المشاريع التي تقودها الحكومة حالياً تجاوزت أغلب المعايير التي تحكمت في تخطيط المدن طوال العقود الماضية، وحدّت من تمكين الكثير من الأفكار الطموحة وجعلها واقعاً معاشاً.
أحد أهم الأمثلة العملية مؤخراً هو مشروع «المكعب الجديد» الذي أعلنه سمو ولي العهد كأكبر «داون تاون» حديث عالمياً في مدينة الرياض على مساحة تتجاوز الـ 19 كم مربع، ومساحة طابقية تتجاوز الـ 25 مليون متر مربع، وسوف يدعم الناتج المحلي غير النفطي بما يصل إلى 180 مليار ريال، واستحداث 334 ألف فرصة عمل.
في رأيي الشخصي كمتخصص في تخطيط المدن أن هذا المشروع استطاع أن يقدم نموذجاً فريداً ومطوراً لكثير من الأفكار والمبادئ العمرانية التي حاول عدد من رواد المدن منذ بداية القرن العشرين الوصول إليها ولم يتمكنوا من تحقيقها، خاصة تلك التي تناولت توجيه المدينة نحو ما يسمى بـ»أقطاب النمو والتنمية»، و«الأماكن المركزية أو مراكز التجمع في المدن الكبرى» و«المدن الحدائقية أو مدن الغد» والتي كانت تسعى جاهدة إلى صناعة المكان بأعلى درجات الرفاهية المدنية وتوفر السكن والخدمات وأماكن العمل داخل حيز يتسّم بالطبيعة.
ما يحدث في العاصمة الرياض من منظومة عمل متقدمة يبرهن أن تخطيط وإدارة المدن هي عملية ديناميكية مستمرة ومتطورة ومتغيرة تحتاج إلى «صناعة قرار» وإلى أشخاص يؤمنون بالتطوير.