عبده الأسمري
تتجلَّى «الصور» الذهنية في عقل الإنسان لتغمر «الوجدان» بأحداث الزمان وأحاديث المكان، حيث تتشكَّل أولى «التصورات « الفكرية عن «ارتباط» حتمي بين المشاهد والشواهد التي تستقر في «الذاكرة» متأرجحة بين الاختزال الثابت والتفكر المتغيِّر لتأتي الثقافة في «رداء» أفكار اعتلت «منصات» التدبير في هيئة إنتاج يصنعه الأدب وتحتفي به الثقافة.
تختزل الذاكرة المشهد البصري الأول في وجوه البشر وفي ضياء النظر الذي تفتح على الطبيعة وانفتح على التطبع في هيئة ترابط ذهني تشكل في صورة «ثقافة» أزلية تكونت من تفاصيل الحياة الأولى وظلت في حفاظ مستديم على «الهوية» الأولية للتعاطي الثقافي مع اتجاهات الحياة وأبعاد السلوك.
مشاهد الذاكرة وملامح المكان ومضامين الزمان ومسالك الطفولة ومدارك النمو ودروب العمر منحت الثقافة «عناوين» بارزة ظلت تلاحق «التفاصيل» التي يمعن الإنسان في تذكرها واستذكارها وتدبرها والتي تتجلى مع الاستذكار لتكون كالبدر في سماء البصيرة وتتحول إلى «بوادر» أولى و»خواطر» مثلى لبناء صرح الكتابة الثقافية والأدبية التي تولد من «رحم» المشهد البصري والشاهد السلوكي.
لم تكن تلك «التجاعيد» في وجوه الشيوخ و»الومضات» في ملامح الطيبين ورائحة «الطين» في مساءات القرى ونداءات «الرزق» في صباحات «الكادحين» والدموع المحتجزة في أعين «المكلومين» سوى «مشاهد» خرجت من «الصمت» البشري وسخرت «الصدى» الإنساني لتحويل تلك «الصور» التي اقتنصتها «العقول» إلى ملاحم ثقافية وملامح أدبية تهيأت وتبلورت وتجلت في عنوان «كتاب» أو فصول «قصة» أو شخوص «رواية» أو «أبيات قصيدة».
نالت العديد من الروايات والقصص «جوائز» عالمية وتحول بعضها إلى «مناهج» تعليمية و»مباهج» إنسانية نظير انحيازها للإنسان الذي يمثِّل محور الكون بأكمله وحملت في أعماقها المشاهد التي رصدت المعاناة ووظَّفت المناجاة وكتبت النجاة وكان البشر فيها «أبطالاً» متوجين في محفل الكلمة وأمام محتوى «الأدب» وظلت الأصول والبراءة والعفوية والحكايات الخفية وراء «جدران» النسيان محافل خاصة للتسطير الثقافي ومنابع مختصة للتعبير الأدبي وجاءت «الكتابة» على طبق من «عجب» لتكون هدية مفاجئة للحائرين في أقبية «الجفاء» والحائزين على أحقية «العطاء».
من عمق البسطاء تجلى في أفق السخاء «إنتاج» ثقافي رسم خرائط الارتباط بين «المشاهد» و»الشواهد» والترابط بين «الأثر» و»التأثير» لتتشكل وقائع الأدب وتحتفي بالإنسان وبتلك الصور التي توغلت في أعماق التفكر وصدحت في آفاق الفكر وتجاوزت خطوط الاعتياد ونالت حظوظ السداد لأنها اعتمدت على صوت «الذهن» وتعامدت على «صدى العون»..
الثقافة محفل يسمو بمدى الاقتران بموجبات «المهارة» وعزائم «الجدارة» فيما تمتلئ دروب الحياة ومدارات العمر ودوائر العيش بالعديد من «التشكلات» البصرية التي يستطيع «الأديب» المبدع تحويلها إلى «تحولات» معرفية من حيث الرصد والسرد والرؤية.
ما بين المشاهد والشواهد تأتي «الثقافة» لتكون «الشاهدة» على «الحكايات» و»الذكريات» التي تحول «تداعيات» الحياة و»تجليات» العمر إلى إنتاج يحكي للأجيال ويبرز للمتلقين ويظهر للقراء جوانب مخفية وصور ذهنية ومعاني إنسانية تنتظر «الكتابة» لتفرض هيمنة «الوصف» وتعلى «راية» التوصيف وتؤصل «غاية» الأدب واقترانه بالإنسان وارتباطه بالسلوك وارتهانه للمسلك.