حاورها - كمال الداية:
حديث متنوع عن الآثار والتاريخ، وعن تفاصيل هذه الأرض المباركة التي تنتظر سواعد أبنائها وبناتها للبحث فيها، والكشف عن كنوزها الموغلة في القدم، لم يتوقف طموح الباحثة حصة بنت مروان السديري، عند أبواب الكليات العامة فاتجهت إلى الكليات المتخصصة خارج الوطن لدراسة تخصص الآثار فيها وهي الجامعة الأردنية، ثم حصلت على ماجستير السياحة الدولية، فندقة وإدارة فعاليات من جامعة (Berlin School of business and innovation) في برلين.
وشاركت في عمليات التنقيب الأثري وأعدت عدداً من الأبحاث في بعثات دولية بالأردن، ونشرت دراسة حديثة بعنوان «شتاء طنطورة في العلا» حيث تناولت فيها دور وأهمية رؤية المملكة 2030 في تقدم قطاع السياحةوالضيافة. تم نشر هذا البحث في المجلة العلمية للأعمال والابتكار التابعة لكلية برلين للأعمال والابتكار.. الثقافية تستضيفها في حوار موسع للحديث عن هذه التفاصيل..
* حدثينا عن بداياتك الأولى كيف كانت؟ وما هو سبب تخصصك بعلم الآثار ؟
بدأ شغفي بعلم الآثار منذ صغري، تحديداً وقت زياراتي لمزرعة جدتي بالحجر، ناهيك عن زياراتي المستمرة لمدائن صالح، هنا وُلد شغفي.
* وفق متابعتك للمستجدات المجتمعية على الصعيد التراثي؟ هل زاد وعي المجتمع بأهمية التراث؟
لا شك أن وزارة الثقافة وهيئة التراث التابعة لها، زادت وعي المجتمع عن السابق في نشر المعلومات، وعلى سبيل المثال، إضافة حياكة السدو على القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي، وفن القط العسيري وحفظه للأجيال القادمة، أيضاً نشر الوعي عن مدائن صالح بالترويج لها في شتاء طنطورة.
* هل كان لوالديك تأثير على تخصصك العلمي؟
لعبت والدتي الدور الأساسي لوصولي إلى ما أنا عليه اليوم، هي من دعمني أثناء دراستي وأبحاثي، كما كان تشجيعها لي دافعاً دائماً للأمام، منذ صغري أزالت الستار عن اهتمامي ونمته وصقلته، لن أنسى اصطحابها لي للمتاحف والمواقع الأثرية في السعودية كما في خارجها.
لم تسمح لي الحياة بلقاء مباشر مع أبي، لكن ماتحتضنه رفوف مكتبته من كتب في التاريخ سمحت لي بمعرفته والتعرف عليه وعلى شغفه واهتمامه.
* كيف تقيمين عمل هيئة التراث؟
لاشك أن هيئة التراث تعمل بشكل جدي يتميز بالتزام واضح واستمرارية رائعة، كما أننا نرى أعمالها على وسائل التواصل الاجتماعي، بتوعية المجتمع عن الآثار التي يمتلكها وطننا، هيئة التراث تعمل حالياً بشكل جدِّي، حيث نرى أعمال المسح الجوي لتوثيق المواقع الأثرية حيث تم توثيق 180,000 موقع فقط في العلا وخيبر بالتعاون مع جامعة سيدني، لنا أن نتخيل بقية الأرقام التي لم يتم الكشف عنها بعد في المملكة، جدير أن أذكر بدأ أعمال التنقيب عن الآثار المغمورة بالبحار.
* التخصصات العلمية في علم الآثار والسياحة، هل تلبي الطلب المستقبلي لهما؟
نعم، يتضح في رؤية سمو سيدي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان حفظه الله 2030 تركيزاً كبيراً على السياحة والآثار، ناهيك عن برامج الابتعاث السعودي لعلم الآثار المحلية والعالمية، اليوم يتم نشر أبحاث علمية عن المملكة العربية السعودية، والتي هي كفيلة بإيجاد مليون وظيفة في مجال السياحة بحلول عام 2030.
* سبق أن أشرت إلى أن المملكة معبر تجاري مهم في المنطقة، فماذا تتوقعين لو عُمل تنقيب للآثار الغارقة؟
قامت جامعة الملك سعود بالعديد من التنقيبات الأثرية في السابق، وحالياً تجري عمليات تنقيب أخرى برئاسة هيئة التراث، كانت التجارة سائدة في المنطقة كما كانت هنالك الكثير من الممالك القديمة على مر العصور، كمملكة دادان والأنباط، لا يجب أن ننسى تأثير طريق التجارة على النقوش الصخرية في المملكة وأهمية حائل في فترة العصور الإسلامية المبكرة بالطرق والعثور على العديد من أحجار المسافة.
* ما هي نظرتك لمستقبل صناعة السياحة في المملكة؟
المملكة تتميز عالمياً عن غيرها من الدول، وذلك بحكم الطبيعة والثقافة المحلية، يمكن زيارتها في جميع مواسمها حيث أنها تتمتع بتراث غني، وعلى سبيل المثال تجربة السائح في عسير ستكون مختلفة كلياً عن تجربته في العلا، وذلك من ناحية التراث المحلي مثل الأزياء التقليدية، الطبيعة الجغرافية، الأكل، الرقصات الشعبية وغيرها..
* متى آخر مرة زرتي فيها محافطة الغاط؟ وما موقعها من خارطة التراث في المملكة؟
السنة الماضية، الجدير بالذكر هو أن الغاط القديمة جميلة، يعلو أرضها إلى بيوت الطين القديمة إلى اليوم، فيها قصر الحكم الذي عاش فيها أجدادي، من أجمل مافي البيوت الطينية هو اختلافها في بعض التصاميم عن غيرها، واختلاف أحيائها وشعبها، لدي تصور أن التجربة فيها ستكون مميزة جداً. بالمناسبة، لقد تم العثور على موقع يعود للعصور الحجرية فيها.
* ما هي المواقع التي زرتها قريباً ولفتت انتباهك؟
موقع صحراء خريص، كانت تجربة جميلة، يعود الموقع لملايين السنين، حيث كان آنذاك بحراً، يستطيع الزائرون اليوم رؤية الشعب المرجانية المتحجرة وأسنان القرش المتحجرة على سطح التربة أطلق عليه الأجانب اسم: shark teeth valley
* ماهي اهم المكتشفات الأثرية في المملكة؟
شخصياً أبهرني الاكتشاف على جبال الجوف وتحديداً الفن الصخري لمجسم الجمل، الذي يعود عمره لسنة 5200-5600 قبل الميلاد، إنه أقدم نحت عثر عليه بالعالم أقدم حتى من الأهرامات. كما تم العثور على الأدوات التي استخدموها لهذا النحت بالموقع.
* ما هي مشاريع حصة السديري المستقبلية؟
خدمة وطني، نشر الوعي والحفاظ على الآثار والتراث الذي تمتلكه مملكتنا والترويج لمملكتنا في السياحة والإشادة بما تملك من تراث عريق وآثار قيٍّمة.
* ما هي نظرتك للآثار في المملكة؟
المملكة غنية بالآثار على مر العصور، سواء المواقع التي تعود لعصور ما قبل التاريخ مروراً بالعصور الإسلامية امتداداً لليوم.
مع جهود هيئة التراث والاكتشافات التي تقوم بها المملكة سيتم الإعلان عن اكتشافات لم يسمع عنها العالم من قبل، مثل نقش الجمل بالجوف والذي كان له بصمته ووقعه على العالم أجمع، لقد كانت تخفى علينا هذه المقدرة والتمكن في تلك العصور على نحت جمل بهذا الحجم والدقة بأدوات بسيطة.
* ما الأثر والتأثير الذي تركه عمك تركي السديري، الكاتب ورئيس التحرير المعروف؟
كان عمي تركي بن عبدالله السديري -رحمه الله- أول الداعمين لي ، لقد كان حريصاً على أن أنشر أعمالي لتوعية الجيل الشاب في علم الآثار . لقد حرص رحمه الله على المساهمة في نشر أعمالي، كان أول نشر عام 2012 نشر بجريدة الرياض.
* من وجهة نظرك كيف ترين نمو قطاع السياحة في المملكة؟
لا شك أن القطاع السياحي يشهد نمواً كبيراً الشكر موصول لجهود وحرص القيادة ومعالي وزير السياحة، كما أن المملكة حققت المركزالأول بين الدول العشرين في تعافي القطاع السياحي وحققت أرقاماً في عدد الزيارات خلال العام الماضي بلغت 65 مليون زائر.