محمد بن عيسى الكنعان
يشعر أحدنا بالفخر عندما يحقق منجزاً شخصياً، أو يصل إلى مبتغاه في هدفٍ من أهدافه الحياتية، والأجمل منه شعوره النفسي وهو يصنع الخير، ويساعد الناس بما يرضي الله ويؤكد القيم الإسلامية السامية ويجسّدها واقعًا. فما بالك عندما يجتمع كل ذلك في موقف سعودي كريم وشريف وفذ يُعّبر عن كل أبناء المملكة، عندما يكون هذا الفخر مصدره توجيهات قيادتنا الحكيمة، وهذا الجمال مرتبط بوطنك العزيز، وهذا الخير يحمل بصمة كل السعوديين، عندها تشعر بعظمة المملكة، وحقيقة عملها في بناء الإنسان وعمارة الأوطان، عندما تلمس تأثير صنيعها الإقليمي وأبعاده الدولية وهو يرتسم فرحًا على وجوه المنكوبين، أو يتحول إلى تقرير خبري عبر وسائل إعلام معادية للمملكة لا تملك إلا الإشادة بسمو السعوديين ورقي تعاملهم وتميز خدماتهم، أو يكون بيان اعتراف على لسان أحد المسؤولين في الدول المنكوبة، وهو يثمن الموقف السعودي الإنساني في بعده الحضاري، والأخوي في بعده الإسلامي، والمتضامن في بعده السياسي.
قد يعتقد أن البعض أن مواقف السعودية وأعمالها الإغاثية والخيرية، التي تنطلق من قيم إسلامية ومبادئ إنسانية هي وقتية، أو عابرة، أو خاضعة للظروف السياسية، أو الحسابات الإقليمية، بينما واقع الحال وشهادة التاريخ تؤكد أنها منهجية راسخة في مسيرة هذه الدولة العظيمة بقدرها، الكبيرة بإنسانيتها، الحكيمة بقيادتها، الأصيلة بشعبها؛ لذا من الطبيعي أن تكون السعودية في طليعة دول العالم بسرعة الاستجابة لنجدة المنكوبين في العالم، وبالذات في منطقتنا الإسلامية ورقعتنا العربية، وأن تكون قوافلها العديدة، وجسورها الجوية في مقدمة المساعدات الدولية بالمناطق المنكوبة عددًا وحجمًا وطواقم طبية وفرق إنقاذ وأجهزة ومعدات حديثة.
ومن تابع الأخبار المصاحبة لتوابع الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا خلال الأيام الماضية، وعمليات الإنقاذ المستمرة يلحظ بوضوح الدعم السعودي بكل تجلياته الإنسانية وروابطه الأخوية، هذا الدعم الذي لم يتعذر بالإشكالات والخلافات السياسية، أو يخضعه للابتزاز السياسي كما تفعل ذلك بعض الدول، التي تستغل ضغوطات الكوارث، وآهات المنكوبين، ودماء الضحايا في تمرير أجندتها، السعودية ليست كذلك ولم تكن يومًا هكذا، على الرغم من أنها تملك المبررات الموضوعية لاتخاذ أكثر المواقف سلبيةً؛ لكنها لا تفعل! لأن ذلك يخالف أبسط توجهاتها ويعارض أدنى قيمها على المستوى الإنساني أو البعد الحضاري، فهي تتعامل بنبل، وتقدم بعطاء، وتبذل وكأنه من واجباتها، هي من يمسح دمعة المنكوب، ويوفر له المأوى الكريم بكل متطلباته، ويمنحه الأمل والأمان بعد الله، بغض النظر عن دينه وجنسيته، وهذه ببساطة رسالة السعوديين النبيلة في نجدة المنكوبين، سواءً عبر مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، أو أية جهة سعودية تعمل تحت مظلة الدولة. أدعو الله أن يحفظ بلادنا مملكة الإنسانية، وبلاد المسلمين، وكل بلاد العالم، وأن يكتب الأجر والمثوبة لقيادتنا الرشيدة، ولكل من خدم تحت رايتنا وباسم دولتنا لإنقاذ المنكوبين والتخفيف عنهم.