فور معرفتي بالأزمة الصحية التي دهمت المربِّي الفاضل فهد بن عبدالرحمن جماهر آل ثويمر قبل سنة تقريباً، من الأخ عبدالرحمن بن سعد الحاقان رئيس قسم التوجيه والإرشاد في إدارة التعليم بمحافظة وادي الدواسر سابقاً، اتصلت بالأخ ذعار بن منصور آل وثيلة الذي أخبرني بتفاصيل حالة المربِّي فهد وإصابته بمرض السرطان، طالباً مني الدعاء له، وأنه يتلقى العلاج الكيماوي بمستشفى الملك فيصل التخصصي في مدينة الرياض منذ ثمانية أشهر، وأن روحه المعنوية عالية، فاتفقنا على أن يخبرني بوصوله لمنزله في محافظة وادي الدواسر لاحقاً لأداء الواجب لزيارته.
مرَّت الأيام والليالي ومع مشاغل الحياة وتراكماتها، تمكنت من زيارته مؤخراً بصحبة الوالد وبصحبة مدير التعليم سابقاً الأستاذ صقر بن فهاد الصقر ومدير مكتب مدير التعليم سابقاً الأستاذ عبدالرحمن بن محمد السويس والأستاذ محمد بن عميقان الشرافي والأستاذ مبارك بن عوض آل مهنا.
وقبل خطوات قليلة من الدخول إلى منزله أحسست بأنَّ مجلسه سيكون مكتظاً بالزائرين، لاسيما بأنّ له مكانة كبيرة في مجتمعه وبين زملائه وأصدقائه، وبالفعل صدق هذا الإحساس، قابلته ولم أكن وقتها محتاجاً إلى الدخول معه بتفاصيل أكثر عن حالته المرضية، لقد رأينا حالة النفسية الممتازة التي تدعم قدرته على مقاومة هذا الداء العضال، شعرنا بحبه للحياة، وأمله في الشفاء، وفوق ذلك كله التوكل على الله والدعاء واحتساب الأجر، ورأينا منه الثناء على ما توفره القيادة الرشيدة -أعزها الله- من خدمات علاجية متطورة في مستشفى الملك فيصل التخصصي في مدينة الرياض، وذلك شكر المستشفى والكادر الطبي الذي أشرف على علاجه والذي أجرى له عملية استئصال ورم في المعدة، كما خضع لثماني جلسات علاج كيماوي مكثف.
لقد بدأت علاقتي بالمربي فهد -عافاه الله- كعلاقة أيّ معلم بمدير مدرسة، وخلال احتكاكي به في مدرسة ثانوية بدر بحي اللدام منتصف عام 1422هـ كنت أغبطه على ما يتميز به من خفة الظل وسرعة البديهة وسعة الصدر وتقبله الجميع.
مررتُ معه بمنعطفات عديدة، كعادة المعلمين مع مديري مدارسهم، لكن الشيء الذي يجهله الكثيرون عن ابن جماهر أنه كان من أكثر الناس حبّاً للمعلمين ويعتز بدورهم ويقف في صفهم، يتصف بالحماس وحب العمل وميادين التعليم العام المفتوحة، ويحرص على مصلحة أبنائه الطلاب.
وهو الأمر الذي أهّله لنيل الثقة بتكليفه مشرفاً للإدارة المدرسية بإدارة التعليم بمحافظة وادي الدواسر لمدة أربع سنوات، ثم مديراً للإشراف التربوي، إذ بقي فيه لمدة أربع سنوات، قبل أن يعود مرشداً طلابياً في مدرسة ابتدائية أبي حنيفة من عام 1438هـ وحتى الآن. وعلى الجانب الإنساني فأبا جماهر إنسان يحمل في داخله قيماً إنسانية عظيمة، وصفات تربوية متميزة، فهو جميل السجايا، كريم الخلق، صديق مخلص، وأخ كريم.
ولا أملك في هذه اللحظة إلا أن أدعو المولى جلت قدرته أن يشفيه ويشفي كل مريض، شفاء لا يغادر سقماً، وأن يلبسه وغيره من المرضى لباس الصحة والعافية، وأن يمن عليهم بألوان البهجة والاستقرار لحياتهم.