د. محمد بن أحمد غروي
من خلال متابعة وقائع الجلسات الحوارية التي صاحبت النسخة الأولى لمؤتمر الزكاة والضريبة والجمارك 2023، والذي نظّمته مؤخرًا هيئة الزكاة والضريبة والجمارك، أستطيع التأكيد على أن نتائجه ومخرجاته ستنعكس إيجابيًا على مستقبل الاقتصاد الوطني على المديين القريب والمتوسط، وتحديدًا في رفع مستوى انسيابية التبادل التجاري بين المملكة العربية السعودية، ومختلف بلدان العالم، والذي يتماشى مع النمو المتسارع الذي يشهده الاقتصاد السعودي.
النتائج والتوصيات، تؤكد على الدور الإستراتيجي الذي تقوم به هيئة الزكاة والضريبة والجمارك، فيما يرتبط بتعزيز الإصلاحات الاقتصادية الهيكلية -التي يقودها سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان - خاصة من جانب تمكين كفاءة العمل الزكوي والضريبي والجمركي، وتطوير الخدمات الإلكترونية المقدمة، وإجراءات الفسح الجمركي وفقًا لأفضل الممارسات والمعايير العالمية المعتمدة في هذا المجال؛ من أجل تيسير التجارة عبر الحدود، وتعزيز ممارسات الأعمال في المملكة العربية السعودية، والارتقاء بمكانتها الاقتصادية، وزيادة جاذبيتها الاستثمارية على مستوى العالم.
وبما أن نطاق اهتمامي متمركز ضمن إطار دول جنوب شرق آسيا، أتصور انعكاسات إيجابية للمؤتمر على تعزيز التبادل التجاري البيني بين المملكة العربية السعودية وبين تلك البلدان، خاصة في ظل الاهتمام المتبادل في السنوات الأخيرة بينهم، ويمكن أن نشير هنا – على سبيل المثال لا الحصر- إلى أن حجم التبادل التجاري بين السعودية واندونيسيا بلغ في 2021، نحو 5.042 مليار دولار، وبين المملكة وفيتنام في نفس الفترة ما يقرب من 8.2 مليار دولار.
تعني عوائد التبادل التجاري السابقة أن هناك ضرورة لتفعيل الشراكة الاستثمارية والتجارية بين مجتمعي الأعمال في السعودية ودول جنوب شرق آسيا عمومًا، وهو ما يتطلب إيجاد رؤية متكاملة لمجالات الاستثمار والشراكة التجارية المتاحة، وأفضل الحوافز والتسهيلات اللازمة، وأحد الحلول المهمة والنوعية التي تُشكر عليها هيئة الزكاة والضريبة والجمارك، مبادرة «الفسح الجمركي خلال ساعتين»، والتي ستكون علامة فارقة ليس فقط في زيادة التبادل التجاري، بل حتى في استقطاب الاستثمارات؛ كون ذلك سيُشكّل خطوة متقدمة تعزز مساعي الهيئة لرفع كفاءة وفاعلية تيسير التجارة عبر الحدود، خاصة إذا علمنا أن مدة الفسح كانت تستغرق 12 يومًا في عام 2017، إلى ساعتين فقط، في واحد من أبرز المنجزات الوطنية.
برأي ستُعزز هذه المبادرة ليس فقط من دور الهيئة في منظومة الخدمات اللوجستية الوطنية، بل وتيسير حركة التجارة على نطاق واسع بين المملكة ودول جنوب شرق آسيا، التي أبدت حرصًا في آخر زيارة لسمو والي العهد على تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بالشكل المأمول، خاصة مع توسع الاهتمام بتأسيس مجلس الأعمال السعودي لإقليم دول جنوب شرق آسيا، التابع للهيئة العامة للتجارة الخارجية.
بالعودة إلى المؤتمر فإن حلول الأتمتة والرقمنة، ستسرع هي الأخرى بطريقة مباشرة من وتيرة التبادل التجاري والتنموي البيني بين المملكة ودول جنوب شرق آسيا، التي تُعد سابع أكبر اقتصاد في العالم، وتضم : إندونيسيا وماليزيا والفلبين وسنغافورة وتايلند، جمهورية لاوس الديمقراطية الشعبية وكمبوديا وبروناي دار السلام وميانمار وفيتنام.