رمضان جريدي العنزي
الإيثار قيمة سامية، وصفة حميدة، ولها أبعاد غاية في الحسن والجمال والرقة. إن تقديم الآخر على النفس قمة النبل والإنسانية والمروءة، إن صاحب الإيثار يحمل مزايا وصفات ومناقب تختلف جذرياً عن الآخرين الذين يتصفون بالأنانية والنرجسية وحب الذات والجحود والنكران، الذين يقابلون المعروف بالزيغ والتآمر والانحراف، إن صاحب الإيثار يساعد الآخرين، يبحث عن المحتاجين، يحاول تخفيف الوطأة على المعوزين وأهل الفاقة، ينتشلهم من الفقر، والضيق والبؤس، يوفي ديونهم، يسدِّد فواتيرهم، يساعدهم في الإيجار أو بعضه، يخدم الأصحاب، يعفو عن الأخطاء، يسعى في الإصلاح، يساهم في المعروف، يبذل ويعطي، كونه يعلم علم اليقين بأن أعمال البر والإحسان أياً كان حجمها ومقدارها وإن كانت مثل ذرة لن تضيع عند الله وهي مذخورة له يوم القيامة، يوم لا ينفع مال ولا بنون ولا عقارات ولا قصور ولا مركب ولا مسمى ولا صفة ولا منصب لا جاه.
يا جامعَ المالِ في الدنيا لوارثه
هل أنتَ بالمالِ بعد الموتِ منتفعُ؟
قدِّمْ لنفسِكَ قبلَ الموتِ في مَهَل
فإِن حظكَ بعد الموتِ منقطعُ
إن صاحب الإيثار سخي وجواد وكريم، ومنزلته عند الله وعند الناس عظيمة ومميزة، قال تعالى: لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ، وقال تعالى أيضاَ: لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ .
إن الإيثار مبدأ وممارسة أخلاقية، وعمل راق يسعد الناس ويجلب لهم السرور والحبور، ويجعل العلاقات بين الناس أنيقة وجميلة، ويعزِّز روح التعاون والتكافل الاجتماعي، وانتشار المحبة بين الناس، ويعم الخير، بالإيثار تتآلف القلوب، وتقوى أواصر الأخوة، وتعظم المحبة، وتسود الألفة بين أفراد المجتمع، وتخفت نار التنازع، وتزول الشحناء، ويختفي الكره والبغض. إن الإيثار ما تحلَّى به رجل إلا أصبح محل المدح والثناء عند جميع العقلاء.
المال للرجل الكريم ذرائعٌ
يبغي بهن جلائل الأخطار
والناس شتى في الخِلال وخيرُهم
من كان ذا فضلٍ وذا إيثار