د.شريف بن محمد الأتربي
للعام الثاني على التوالي يحقق سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان - حفظه الله - لقب القائد العربي الأكثر تأثيراً، وهو اللقب الذي لم يسع سموه لتحقيقه، بل إن اللقب هو الذي سعى ليقرن نفسه بشخصية مثل شخصية أبي سلمان، تلك الشخصية التي استطاعت؛ وفي أعوام وجيزة أن تعيد كتابة التاريخ العربي وتاريخ منطقة الخليج، ليس هذا فقط، بل وتاريخ العالم كله.
سيظل التاريخ محتفظاً لنفسه بأسرار كثيرة لن يفصح عنها حالياً حول قوة شخصية الأمير، وقدرته على تحقيق الوعود وتجاوز الأزمات، فمنذ اختاره خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز - حفظه الله - مستشاراً له، ثم وزيراً للدفاع، ثم ولياً للعهد وأخيراً رئيساً لمجلس الوزراء وهو يضع ثقته الكاملة في قدرته على تحقيق الكثير من الأحلام التي كانت تراود أبناء هذا البلد في تجويد حياتهم بما يساهم في تقدم ورقي المملكة.
والقارئ لإنجازات سمو ولي العهد- حفظه الله- خلال الفترة القليلة الماضية يجد أن الإنجازات والتأثيرات التي أضفاها أينما حل تفوق المساحة الزمنية تفوقاً كبيراً جداً، بل ربما تحتاج هذه الإنجازات حتى تتحقق من قبل أي شخص آخر إلى عشرات السنين، ولربما انتهت السنون ولم يحقق أحد منهم جزءاً بسيطاً مما وصلت إليه قيادة سموه الكريم.
وعلى الواقع العملي وحتى لا يظن كُتاب التاريخ أننا نبالغ، نقول لهم تفضلوا بإحصاء إنجازات سموه في مكافحة الفساد وكيف استرد الاقتصاد السعودي مئات المليارات إلى خزينة الدولة- ولازال- ليعود الحق إلى أهله، كيف سادت الشفافية أروقة الوزارات والمؤسسات التابعة للدولة أو تلك المتعاملة معها ليصبح الجميع متساوياً أمام القضاء، فلا مكان لفاسد في مملكتنا مهما كان وضعه مواطناً كان أم أميراً.
قوموا بإحصاء إنجازات سموه في مجال حقوق المرأة، تلك الحقوق التي طالما هُضمت واستحلها الكثيرون تحت ستار العيب والحرام، استخدموا عباءة الدين لجعل المرأة مجرد صورة قاتمة سوداء داخل المجتمع، تخدم الرجل، تلد وترضع وتربي فقط، وعاء لكل شيء، قيدوا حركتها لسنين طويلة، واستباحوا مقدراتها، أخفوها كرهاً تحت ذريعة الحماية، ولكنها كانت جباية، فجاء ابن سلمان ليحررها من هذا الطوق البغيض ويعيد لها حقوقها المسلوبة لتصبح شريكاً في المجتمع وليست الجانب المظلم منه، وكان نظام الأحوال الشخصية الصادر مؤخراً خير شاهد على ذلك، ذلك النظام الذي أعاد ترتيب الأسرة السعودية ووضع لكل حال وصف، فأوقف التجني على المرأة أو الأبناء، جاء النظام ليقرر حق المرأة في الإعالة من زوجها، بغض النظر عن حالتها المالية، وحدد النفقة لتشمل المأكل والمسكن والملبس والضروريات الأساسية وما تحدده اللوائح ذات الصلة.
كما أكد النظام وجوب توثيق الحقائق المتعلقة بالأحوال الشخصية في المواعيد المخصصة لذلك، مثل الطلاق والعودة وتعويض الزوجة تعويضاً عادلاً في حال عدم التوثيق. ومنح النظام المرأة الحق الكامل في فسخ عقد الزواج من جانب واحد في عدد من الحالات، ويمكنها من توثيق الطلاق، حتى في حالة عدم موافقة الزوج. وشدد النظام على ضرورة مراعاة مصلحة الحفاظ على كيان الأسرة في حساب عدد الطلقات، وكذلك حفظ حقوق الأبناء في حالة الطلاق والانفصال بين الزوجين.
لقد تبوأت المرأة في عهد الملك سلمان وولي عهده الأمين أعلى المناصب، فصارت سفيرة، وخبيرة، ومشاركة في رؤية 2030 بدرجة كبيرة، صارت إلى جانب كونها الأم والأخت والبنت، عضيدة لأبيها وأمها وأخيها وابنها، يداً بيد تبني الغد تحقق الوعد، وتحلق في الآفاق لتصبح نجمتين في سماء حياة العالم وليس المملكة فقط.
قوموا بإحصاء إنجازات سموه في التعليم، وكيف تغير ترتيب تعليمنا العام، وتعليمنا العالمي للأفضل، وأصبح هذا التحسن نموذجاً إرشادياً لكل من يرغب في تطوير تعليمه، ويكفي أن تكون تجربة المملكة في التعليم خلال جائحة كوفيد19 هي النموذج المعتمد لإدارة التعليم خلال الكوارث، معلمين ومعلمات مبدعين، وبنية تحتية قوية، وطلاب جاهزين للتعليم الإلكتروني والتعليم عن بعد، بل وأكثر من ذلك عودتهم بسلاسة للتعليم المباشر داخل الفصول وكأن الطلبة أنفسهم لم ينقطعوا يوماً عن الحضور لمدارسهم، والأهم من ذلك سعي الدولة بكامل أجهزتها لدراسة الفجوات التي نتجت عن التوجه نحو التعليم عن بعد بنسبة 100 %، ولم ترفع شعار أن ما تم هو أحسن الموجود.
كما تميَّزت الجامعات السعودية بابتكاراتها في مجالات عدة، مثل: الصحة، والتكنولوجيا الرقمية، والطاقة والاستدامة البيئية، إذ بلغ عدد براءات الاختراع 1871 براءة اختراع مسجلة من 2015م إلى 2021م وبنسبة 81 % سُجِّلت في الولايات المتحدة الأمريكية. كما تضم الجامعات السعودية أكثر من 47 مركزاً للابتكار وريادة الأعمال، وأكثر من 135 مركزاً للتميّز والأبحاث تسهم في تطوير الأبحاث إلى براءات اختراع.
قوموا بإحصاء إنجازات سموه في مجال الاقتصاد -بدون الحديث عن البدايات- ولكن سأتكلم عن الوضع الراهن، مستشهداً بميزانية 2023 وكيف تدار الدول من قبل القادة العظماء، فعندما تسجل فائضاً بمقدار 16 مليار ريال (4.3 مليار دولار)، وتحقيق إيرادات عند 1130 مليار ريال (301.3 مليار دولار)، وتقلص نفقاتك لتبلغ 1114 مليار ريال (297.1 مليار دولار)، في ظل توعك وتلبك الاقتصاد العالمي فاعلم أن من يقود هذا الإنجاز قد فاق كل التصورات.
أيضاً إنجازات سموه في توفير مسكن لائق لكل مواطن سعودي؛ فقد كان هدف برنامج الإسكان في رؤية المملكة 2030 رفع نسبة تملك الأسر السعودية لمسكنها إلى نسبة 70 % بحلول العام 2030 من خلال خدمة شرائح أكبر من المجتمع واستهداف الفئات الأشد حاجة، وزيادة جاذبية القطاع للاستثمار من قبل القطاع الخاص، مما يضمن استقرار القطاع واستدامته. وفي تصريح سابق لسمو ولي العهد -حفظه الله- قال: لقد ارتفعت نسبة تملك المواطن السعودي لمسكنه من 47 % إلى 60 % فقط في أربعة أعوام، لتوضح هذه القفزة الهائلة حجم الإنجاز الذي تم، وأن تحقيق مستهدفات الرؤية في هذا المجال قادم -بإذن الله- وربما يسبق تاريخه المتوقع.
وأخيراً أقول لكتبة التاريخ قوموا بإحصاء إنجازات قائدنا وملهمنا محمد بن سلمان في كل مجال، في التنمية المستدامة فازت المملكة من خلال مبادرة الشرق الأوسط الأخضر، ومشروع نيوم بجائزتي البرلمان العربي؛ كونهما من أهم وأبرز المبادرات على مستوى الدول العربية والإقليمية والدولية.
وفي مجال التميز الصحي مُنح مجلس وزراء الصحة العرب المملكة العربية السعودية جائزة الطبيب العربي للعام 2022م، نظير التميز في مجال الطب الوقائي.
كما حقق طلبة المملكة من خلال مشاركتهم في المعرض الدولي للاختراعات والابتكارات والتقنية «آيتكس 2022» في ماليزيا، 8 جوائز عالمية كبرى في عدد من المجالات العلمية، منها 6 جوائز ذهبية كبرى في مجالات علمية مختلفة، ومجال الأتمتة والعمليات، ومجال المواد، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والوسائط المتعددة، والتكنولوجيا الحيوية والصحة، والبيئة.
إنجازات عديدة في كل المجالات تقريباً، شملت جودة الحياة، النظام الإداري، الترفيه، الرياضة، لم يترك سمو ولي العهد مجالاً للرقي بالمملكة والتوجه بها قدماً نحو المكانة التي تليق بها إلا وطرقها مستعيناً بالله وبدعم مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز - حفظه الله - إن بلوغ القمة سهل، ولكن البقاء فيها هو الأصعب وهذا ما قدمه سمو ولي العهد، فماذا قدمتم أنتم لبلادكم؟
وأختم مقالي بما بدأت به من عنوان: عندما تصل لأي قمة تأكد أنك ستجد ابن سلمان قد سبقك إليها.
** **
- مستشار تعليم وتدريب