عملية تطوير منتج جديد هي عملية معقدة ومكلفة وتحتاج إلى الكثير من الوقت والجهد، وربما تحتاج إلى مئات التجارب والأبحاث السوقية؛ وهذا السبب يدفع بالكثير من الشركات إلى التغاضي عن بعض الأبحاث الهامة المتعلقة بالعملاء؛ إما لكلفة تلك الأبحاث أو لعجلة الشركة بتطوير منتج جديد والمنافسة في السوق في أسرع وقت ممكن، وهو ما يتسبب في فشل عديد المنتجات بعد عناء تطويرها وتصنيعها وإخراجها للنور.
أحد الأمثلة الشهيرة على ذلك يتضح من خلال تجربة شركة» دكتور بيبر» Dr Pepper للمشروبات الغازية، والتي بدأت نشاطها عام 1985، وتعتبر أقدم شركة مشروبات غير كحولية وعصائر بالولايات المتحدة.
احتفظت «دكتور بيبر» منذ إنشائها بالوصفة السرية لمشروب دكتور بيبر الذي جعلها تحتل المركز الثالث بعد بيبسي وكوكاكولا في نسب المبيعات على مستوى أمريكا لأعوام طويلة، ولهذا السبب ظلت الشركة محتفظة بمنتجها لسنوات طويلة ولم تقم بإدخال أي تعديلات عليه.
ولكن في العام 2001 واجهت «دكتور بيبر»، والتي كانت مملوكة من قبل شركة «كادبوري شويبس» في ذلك الوقت مشكلة كبيرة بعد أن قامت كل من بيبسي وكوكاكولا بتقديم خطوط إنتاج جديدة بنكهات مختلفة للمشروبات في محاولة منهما لزيادة نسب المبيعات؛ فكانت النتيجة هي انخفاض مبيعات دكتور بيبر بنسبة 3.3% وفقا لموقع Beverage Digest.
وهنا قررت الشركة - ولأول مرة من 117 سنة - أن تقدم منتجا بنكهة جديدة؛ في محاولة منها لرفع نسب مبيعاتها ومنافسة منتجات بيبسي وكوكاكولا الجديدة، وأطلقت على منتجها الجديد الذي بدأ العمل عليه في سبتمبر 2001 وتم إطلاقه في الأسواق بحلول عام 2002 اسم Red Fusion، وكان عبارة عن مشروب لونه أحمر بنكهة الكريز.
ولكن مع الأسف لم يحقق المشروب الجديد أي نجاح؛ نتيجة عدم إعجاب الجمهور بطعمه؛ وذلك بالرغم من الدعاية الكبيرة والتي بلغت قيمتها أكثر من 10 ملايين دولار، واضطرت الشركة بعد عام واحد فقط إلى وقف تصنيعه.
وبما أن عملية تطوير المنتجات كانت جديدة على الشركة لجأت حينها للاستعانة بـ» هاورد موسكويتز»، والذي يعتبر من أشهر المستشارين في مجال صناعة الأغذية في السوق الأمريكي لكي تدارك الخطأ وتنجح في تطوير منتجها الجديد.
ولكي يصل إلى المنتج الذي يريده؛ قام «موسكويتز» بتحضير 61 نكهة، وأجرى عليها أكثر من 3904 اختبار تذوق للمستهلكين في أربع مدن أمريكية، وبجانب عملية التذوق قدم استبيانًا للمستهلكين؛ لمعرفة تقييمهم للمنتج بشكل عام من حيث قوة الطعم، وجودته، وهل هم مستعدون لشرائه أم لا، بالإضافة إلى آرائهم في لون المنتج والشكل الخارجي للعبوة.
وبعد أربع أشهر كاملة من الاختبارات تم الإعلان عن المنتج الموعود وهو» Cherry Vanilla Dr Pepper» والذي حقق نجاحات قياسية، وبالرغم من أن عملية إطلاقه كان من المفترض أن تكون محدودة -لمدة 6 شهور- إلا أن إنتاجه استمر حتى وقتنا الحالي، وفي العام 2008 وصلت القيمة السوقية لدكتور بيبر أكثر من 11 مليار دولار بعد انفصالها عن شركة «كادبوري شويبس».
في النهاية لو قامت «دكتور بيبر» بعملية تطوير المنتج بالطريقة الصحيحة منذ البداية ولم تتعجل من أمرها لما تكبدت كل تلك الخسائر، ولكنها فضلت السرعة على حساب اختبار المنتج الجديد والقيام بالمزيد من الأبحاث السوقية، وعندما أدركت خطأها مبكرًا عادت الأمور إلى نصابها الصحيح.