إيمان الدبيّان
ذاتك، مشاعرك، حديثك، فكرك، مالك، وغيرها من الأشياء القيّمة، أحياناً تهدرها، أو يغيب عنك الحرص عليها فتخسرها.
الهدر للمال هو التفريط، والفقَد، فيهدر المال هباءً فيما لا فائدة فيه، وفي الطاقَة هو تضييع الجُهْدِ، وفي العطاء المعنوي والنفسي يكون استنزافاً وبقيمة الذات استخفافاً.
كم أهدرنا من وقتنا وذاتنا وكلامنا ومالنا، أما آن الأوان لقول كفى لكل فعل أهدرنا به ثمناً ما بَقَى؟
لماذا الهدر مجاراة لعادات اجتماعية وظواهر سلبية، فنقيم المناسبات الخاصة وربما بعضها عامة وندفع مئات الألوف، وتنفق ربما ملايين تمتليء بأصفارها الجداول والصفوف؛ ليس قناعة ولا حاجة، وإنما مجاراة وكأننا في سباق ومباراة، من يدفع أكثر من يبتدع في الظواهر والمظاهر بشكل أكبر.
البعض يتكلم كثيراً لحد الهذر وهنا مكمن الهدر، حديث لا يخلو من جدال وغيبة واستهزاء وكذب في بعض الأحوال، هدر للفكر وتأملاته وضياع للوقت وساعاته فيما لا فائدة منه ولا قيمة مضافة له، لِمَ لا يُستفاد من هذا كله دقّه وجلّه في كلمة تصل للقلوب لتطيب، وتهذب النفوس عن كل معيب، وترقى بالفكر إلى مستوى عجيب.
أقسى وأعظم هدر هو الهدر المعنوي والنفسي الذي قد يستحيل استرجاعه ويصعب استبداله، شعوراً، وعطفاً، ووداً، ومشاركة، فالمال قد يعود، أما الذات فتحاط بالقيود.
جميل أن نعيد تدوير الأفكار والكلام والعادات والأفعال بما له نفع واستثمار، وتغيير يجعل للتطوير الانتشار، لتحقيق أمن اقتصادي ونفسي وفكري واجتماعي وحتى عاطفي.
الرقي يكون بالتميز فكراً وعملاً، بالحفاظ على ملكات وهبها الرحمن لكل إنسان مالية وجسدية وخُلقية، كيف نستثمرها ولا نهدرها؟ كيف نطورها ولا نتلفها؟ كيف نعيد تدويرها في مجتمعنا ووطنا فنفيد بها غيرنا ليفيدنا فيما امتلكنا ومُنحنا.
بين البعد عن الهدر والاستمتاع بحياة العصر، بكل أنواع الذكاء العاطفي والاجتماعي والمهني نرسم حياة أنيقة بتفاصيلنا، هانئة بقناعاتنا، ناجحة بمقايسنا، آمنة بنجاحاتنا، ثائرة بطموحاتنا.