«الجزيرة» - عوض مانع القحطاني:
وصف معالي سفير خادم الحرمين الشريفين في لبنان سابقاً علي عواض العسيري خلال ندوة شاركت فيها المملكة في باريس عن الأوضاع في لبنان والمستجدات التي لا زال الشعب اللبناني يعاني منها فقال معاليه خلال حديثه مع «الجزيرة» إن مشاكل لبنان تتمحور حول 6 نقاط وهي:
1 - الفراغ الرئاسي.
2 - ضعف الأداء الحكومي وتأثيره المباشر على حياة الناس وعلى جميع المؤسسات والهيئات الحكومية وغير الحكومية.
3 - التدخلات الخارجية في الشأن اللبناني.
4 - ترسيخ الطائفية في لبنان.
5 - استهداف القضاء والتدخل السافر في التأثير على أدائه.
6 - عدم تطبيق اتفاق الطائف.
وبيّن السفير العسيري أن المشكلة الأساسية التي يعاني منها لبنان اليوم هي سياسية اقتصادية في ظاهرها لكنها في الحقيقة مشكلة وجودية بين فريق يعمل من أجل استعادة لبنان الذي نعرفه، لبنان الانفتاح والفكر والتعليم والفن والمطبعة والجامعة، ومن أجل المحافظة على هوية لبنان التعددية وثقافة العيش المشترك الإسلامي المسيحي كنموذج يحتذى في الشرق والغرب.
وبين فريق يأخذ لبنان إلى محور قريب من تاريخه وثقافته وهويته ويعمل على عزله عن محيطه العربي وعن علاقته الدولية.
الخلاف على الاستحقاق الرئاسي انعكاس لهذه الإشكالية الوجودية.
الفريق السيادي وحلفاؤه يريدون رئيساً يستعيد لبنان ويبدأ بالإصلاحات ويعيد العلاقات العربية واللبنانية الدولية، موضحاً أن هناك فريقين متصارعان في لبنان الفريق الأول يعمل على أن يستعيد هيبة الدولة بينما الفريق الآخر لا يعتبر ما ورد ذكره من أولوياته ويركز اهتمامه على حماية الميليشيات واختيار رئيس لا يختلف كثيراً عن العهد الذي انقضى.
كما أن الفريق السيادي يرى أن الانتخابات الرئاسية تمثل فرصة لبدء استعادة الدولة والخروج من الأزمة الاقتصادية, لذا رفض منطق المسايرة والتسوية وقدم مرشحاً معارضاً لمحور حزب الله لأن هذا الفريق يرى أن الحل يبدأ بإعادة التواصل مع الدول العربية وخاصة الخليجية ووضع خطة اقتصادية مع صندوق النقد الدولي وإعادة تشجيع الاستثمارات الأجنبية.
وحول سؤال عن أن حزب الله هو السبب الرئيسي في مشاكل لبنان قال السفير: حزب الله يسعى إلى المحافظة على مكتسباته عبر دعم مرشح يرتاح له ولمواقفه ويرى الحزب أن الحل يبدأ بالوقوف بوجه أمريكا التي يدعي أنها تمارس هذه الضغوط لتأليب الرأي العام ضد حزب الله وتحميله ما وصلت إليه الأوضاع بهدف إضعافه لمصلحة إسرائيل، وفيما يرفض حزب الله مرشح الفريق السيادي رفضاً قاطعاً وفي نفس الوقت يدعو إلى التوافق ولكن الفريق السيادي يرى أن التوافق يعني رئيساً ضعيفاً غير قادر على اتخاذ قرار.
وأوضح السفير العسيري قائلاً: أرى أنه انطلاقاً من هدف كل فريق أصبح التنازل السياسي صعباً لأنه في الواقع لا نقاط مشتركة بين المحورين وكل طرف يريد من الرئاسة نقيض ما يريده الطرف الآخر، وأعتقد حسب متابعتي أن هناك شخصيتين يمكن أن تلتقي عليها القوى السيادية وقوى الممانعة وهي: قائد الجيش، شخصية اقتصادية وازنة، وليست المرة الأولى التي ينتهي فيها الأمر بانتخاب قائد الجيش فقد سبقه عدة رؤساء (لحود - سليمان - ميشال عون) والسبب في كل مرة أن الطبقة السياسية لا تستطيع إنتاج رئيس فتتجه إلى قائد الجيش المؤسسة الوطنية التي يلتف حولها الجميع.
ورغم أني أرى أن الشخصية الاقتصادية قد تشكل الحل الأمثل خلال هذه المرحلة ولكن للأسف قد لا تحظى بارتياح من الطبقة السياسية ولكنها ستحظى بدعم الشعب لأن الشعب تعب من الطبقة السياسية ومن الوضع المعيشي الصعب وما يهم الشعب هو وصول رئيس يخرج البلد من هذه الأزمة.
وأرى أن استعادة العافية الاقتصادية قد تبعد الناس شيئاً فشيئاً عن السياسة ولذلك فإن مهمة الرئيس هي إبداء الاهتمام الأكبر للاقتصاد لا للسياسة عبر التواصل مع العالم وخاصة الدول المعنية وتحفيز الاستثمارات وخلق جو اقتصادي ينشط الصناعة والزراعة والسياحة وإعادة فتح الأسواق وإيجاد حل للقطاع المصرفي وأموال المودعين.
ولذلك فإن انتخاب رئيس بأسرع وقت هو الحل الأمثل ويجب أن تواكبه خطوات عدة أبرزها تشكيل حكومة يغلب عليها طابع التكنوقراط وأن يتم تكوين خلية أزمة متجانسة لا أن تكون حكومة تملك رفاهية الوقت أي أن تكون مؤلفة من اختصاصيين لديهم قدرات اقتصادية ومصرفية ومالية وخبرات تواصل مع المؤسسات الدولية ومن المفيد أن يكون هناك فريق ظل مؤلف من خبراء يضع الخطط والأولويات التي ترفع للحكومة ليتم تنفيذها ضمن خطط زمنية محددة وواضحة تعيد الثقة الداخلية والخارجية.