د.عبدالعزيز بن سعود العمر
دعوني أبدأ هذه المقالة القصيرة بموقف تعليمي بطلته إحدى المعلمات في مدرسه خارج الحدود. دخلت هذه المعلمة صفها للمرة الأولى، وطلبت بوجه عابس متجهم من الطلاب السود الجالسين في الصف الأمامي الانتقال إلى الصف الأخير، وفي الوقت نفسه طلبت بكل لطف وبوجه باسم من الطلاب البيض الجالسين في الصف الأخير بالانتقال إلى الصف الأمامي، وكانت تساعد الطلاب البيض في الانتقال من الصف الخلفي إلى الصف الأمامي بحمل بعض أغراضهم المدرسية، لكنها لم تفعل الشيء نفسه مع الطلاب السود. في هذه الأثناء شعر الطلاب السود أن معلمتهم تمارس تمييزًا عنصريًا ضدهم، مما أثار لديهم قلقًا وحنقًا على معلمتهم. لكن المعلمة فاجأت طلابها بقولها إن درس اليوم سيكون عن (التمييز العنصري) الذي ظهر في مجتمعنا الأمريكي في حقبة ماضية، ثم سارعت بالاعتذار من الطلاب السود، بل وسارعت بإعادة الطلاب السود والطلاب البيض إلى مقاعدهم السابقة. يا لها من معلمة محترفة، قدمت لطلابها درساً انحفر في أدمغتهم. وفي الشأن نفسه دعوني أذكر الموقف التالي، كان عضو هيئة تدريس من ذوي البشرة السوداء يروي لعميد كليته قصة رفض كليته قبول أمه عندما تخرَّجت من الثانوية العامة بتقدير يفوق كثيراً من قريناتها المقبولات، أبدى العميد للأستاذ أسفه وعرض على عضو هيئة التدريس قبول أمه في أي برنامج تختاره ودون أن تدفع أية رسوم جامعية، وبالفعل تقدمت الأم وقبلت قي الجامعة وتخرَّجت من الجامعة وأقامت لها الجامعة حفلاً خاصاً. ولو انتقلنا إلى المجتمعات الشرقية فسنجد أن التمييز القبلي هو السائد في وقت من الأوقات، وفي هذا الشأن قدم التعليم جهوداً مباركة, ولم يكن التغيير في هذا الشأن سهلاً إطلاقاً لكون القبلية كانت متجذِّرة.