ناهد الأغا
الثقافة... تتلاقى فيها أعذب النغم، وأنقى التجليات.
عينُ السابق التي لا زالت تبصر اللحظة ولم تغمض ولو لبُرهةٍ بسيطة، ووجدانه اليقظ في حاضر اللاحق ويومه ملتحمين معاً فيه بروعة عيش يُعانق فيه القديم الجديد.
واستحضرت ذلك في حضرة ذكرك يا سيدة الثقافات وعنوانها البارز، الذي لم يتغير يوماً، فأنت الثقافة التي عايشتها، وسحرت ببريق ألقها، تلك هي الثقافة السعودية سيدة الزمان والمكان، والأرض والإنسان، والحضارة والأمجاد، الماضي والأمس التليد، واليوم، والمستقبل المنتظر الجميل، والمتزينة بالتنوع ألوانها، التي اكتملت متزاهية مزدانة كما تزدهي ألوان خيط جميلة طُرزت بتناسق في وشاحِ المجد، تسر كل من نظر إليها، وما شاج بصره برهة عنها، والجُمان النفسية المنتظمة في أجمل العقود وفريدها في جيد الوطن المجيد.
وازداد الألق وبريق العقد الفريد، حين تفضل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله ورعاه في شهر الخير والبذل والعطاء والجود، شهر رمضان الخير وفي اليوم 17 منه لعام 1439، بتقديم تلك الهدية النفيسة بإصدار أمره السامي، بتأسيس وزارة الثقافة، وإسنادها إلى صاحب السمو الملكي الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان آل سعود.
لتسير مباركة بمسالك التقدم الذي أراده عزيز الثقافة، أيقونة الفكر والشباب، عراب رؤية 2030، سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان آل سعود حفظه الله، لبناء مجتمع حيوي، واقتصاد مزهر، ووطن طموح، وهذا دأب من اعتز بهويته الوطنية الواحدة عالية خفاقة في قمم المجد، وبتراثه العميق الضارب في جذور الكبرياء مبلغاً عميقاً، مُخاطباً العالم كله بمختلف ثقافاته وأفكاره،بأروع أنماط الحوار وأفصحها بديعاً.
فمشت وزارة الثقافة مشية الواثق نحو مدارج العلياء، التي أريد لها أن تكون، فأُطلِقَ العنانُ نحو قيام الهيئات الثقافية، ووضعت الإستراتيجية الناظمة لها، وإيلاء القطاع غير الربحي أهمية، وتجلى ذلك بالإستراتيجية الخاصة بها، ولخير جليس في الزمان أعز وأرفع المنازل، فدُشنت الدورة الأضخم والأبهى في تاريخ معارض الكتاب، التي شهدها معرض الرياض الدولي للكتاب.
وعُبدت الطريق مع مسارات المجتمع الثقافي المختلفة، فأقيمت المنصات، وفُتحت المساحات، ليجد كل عامل ومبدع ومنتج له مكاناً في هذا الفضاء الفسيح تحت السماء الصافية النقية، التي تظل الجميع بإطار تعلوه قيم سامية من العلي العليم.
وما أجمله وأنت ترى أجمل اللوحات الفسيفسائية من ألوان الأدب والإبداع تتزين بجدران الحضارة والثقافة السعودية من ملتقى الترجمة، ومعرض الرياض الدولي للفلسفة، وملتقيات الأدباء والمبدعين وتكريمهم والاحتفاء بحُسن صنيعهم، بأرفع الجوائز ونفيسها.
وكم هي من إشراقة، عندما شرع المسرح السعودي أبوابه، بنشوة الوجد فرحاً بمن حضره، ومن اعتلى خشباته، ليشع المسرح بروح مبتهجة متطلعة نحو 2030.
لا تتوقف المسامع طرباً، ورؤى العين بهجةً، اعتراف القاصي والداني بعُمق تاريخ ومظاهر المملكة البهية، فما إدراج منظمة الأمم المتحدة للتربية والتعلم والثقافة ((اليونسكو)) لما تعج به المملكة من تراث مادي وغير مادي على لائحة التراث العالمي إلا تأكيد إلى ذلك الأثر الكبير لعظيم ما حبا الخالق به هذه الأرض الطيبة من جمال وحُسنٍ، وما كان للإنسان فيها من إبداع في مظاهر حضارية حثت السير نحو العالمية، والعروج إلى أعالي القمم السامقة.
أُقسِطَ القوسُ عدلاً، وأُحسِنَ صُنعه، وأتقن عمله، حينما أعطيّ إلى خير من يبريها، ويرمي بها ويحسن الرِمية نحو هدفٍ عز على سالكي الفخار والعلياء بلوغه، ولا يليق إلا بسادةٍ سار المجد في ركابهم، الممتطين صهوة جواده الذي يُكبى فكم أوجزت كلماتك صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء بأن تاريخنا العربي العتيد عنوان قيم وكلمة حق طيبة خُص بها، ولا تقاسمها بذلك كل حضارات الأمم وتاريخها.