الرياض - خاص بـ«الجزيرة»:
أكدت دراسة علمية أهمية إنشاء مراكز وجمعيات ومؤسسات متخصصة، تعنى بالتوجهات الفكرية، ويخصص لها باحثون ومتخصصون متفرغون يعكفون على البحث والدراسة والحوار، وتوفر لهم الإمكانات اللازمة والوسائل العلمية والإعلامية.
وشددت الدراسة المعنونة بـ: «الحلق القرآنية وأثرها التربوي في الحفاظ على الأمن الفكري.. المجتمع السعودي أنموذجاً» للباحث هشام بن عبدالكريم بن عبدالله المشيقح، ونال بها شهادة الدكتوراه بتقدير ممتاز من قسم القرآن والحديث في التربية القرآنية بأكاديمية الدراسات الإسلامية بجامعة المالايا في ماليزيا، والتي تعتبر الأولى على جامعات ماليزيا، ومن ضمن الجامعات المئة على مستوى العالم.
وأوصت الجامعة بطباعة رسالة الدكتوراه باللغة العربية واللغة الملاوية واللغة الإنجليزية، شددت الدراسة على المزيد من الدراسات العلمية والبحثية المتعلقة بدور الحِلَق القُرآنيَّةُ في الحفاظ على الأمن الفكري في جميع الجوانب التي غابت عن هذه الدراسة، خاصة فيما يتعلق بخريجي الحِلَق ممن أسهموا بدور بارز في الدعوة إلى الوسطية والاعتدال، ومحاربة الأفكار المتطرفة، وكذلك القيام بمزيد من الدراسات حول موضوع التأديب التربوي في الحلقات القرآنية، والاستفادة من نتائج هذه الدراسة، لاسيما فيما يتعلق بالتأديب التربوي، والبرامج التربوية المصاحبة، وإقامة مراكز تربوية متخصصة في كل مدينة لتدريب وتأهيل المعلمين في الحلقات القرآنية حتى يقوموا بأداء رسالتهم التربوية والتعليمية على الوجه المطلوب، مع الاستمرار في إقامة الندوات والمؤتمرات حول واقع التعليم القرآني وعلومه في الحلقات القرآنية.
وأوصت الدراسة على إقامة مؤتمر خاص بخريجي حِلَق تحفيظ القرآن تقوم محاوره على الدعوة إلى الوسطية والوقوف في وجه الغلو والجفاء؛ لمشاهدة مدى مساهمة طلاب حِلَق تحفيظ القرآن الكريم في هذا الجانب، وزيادة البرامج المتخصصة بتحفيظ القرآن الكريم وتعليم أحكام تلاوته في إذاعة القرآن الكريم أكثر مما هي عليه الآن، وتخصيص قناة فضائية تلفازية لعلوم القرآن الكريم مع التركيز على التحفيظ وأحكام تلاوته، وفتح موقع خاص بالقرآن الكريم على شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت).
وخلصت الدراسة لعدد من النتائج من أهمها: أن حِلَق تحفيظ القرآن الكريم ومدارسه هي مؤسسات تعليمية يتم من خلالها تعليم القرآن الكريم والعلوم المتعلقة به، مما تساهم في التربية وتهذيب السلوك والحفاظ على الضرورات الخمس: «الدين، النفس، العقل، العرض، المال»، وأن للحِلَق القرآنية دوراً أساسياً ومهماً فِي الحفاظ على الأمن الفكري للمجتمعات المسلمة من التيارات المتشددة والمنحرفة، كما أن هناك كفايات تربوية لازمة لمعلمي ومشرفي الحِلَق القُرآنيَّةُ يجب أن يتسموا بها للقيام بالأدوار المنوطة إليهم لتحقيق الأهداف التربوية للحلقات القرآنية.
وقال الدكتور هشام المشيقح: لكون القرآن الكريم هو المصدر الأول لشؤون الحياة؛ ومنه منبع التربية الفكرية، فإن طبقت وسائله التربوية على هدي محمد -صلى الله عليه وسلم- وعُمِلَ بآياته على فهم الصحب الكرام -رضوان الله عليهم-؛ تتميز الأمة، وحافظت على أمنها فكرياً ومجتمعياً، وهنا كان لهذه الدراسة أهمية لأمرين:
الأول: من حيث العناية به والبحث في بديع أسراره، والجهد في تعلمه وتعليمه؛ ومن الأساليب المهمة للعناية بكتاب الله تعالى علماً وتعلماً؛ حِلَق القرآن الكريم، فهي الملاذ الآمن لمرتاديها وسبيل النجاة لمن تمسك بطوقها؛ فكرياً وتربوياً وسلوكياً واجتماعياً وثقافياً.
الثاني: في الذود عن القرآن من شانئيه وخصومه؛ بشتى انتماءاتهم وأساليبهم، ومن تلك الأساليب ما نراه من حملة شرسة على حِلَق القرآن، وقد هدفت الدراسة إلى التعرف على حِلَق القرآن الكريم في المملكة العربية السعودية وأهميتها وإيضاح الكفايات التربوية اللازمة لمعلمي الحِلَق القرآنية، وحرص المؤسسات القائمة عليها بانتقاء أكفأ المعلمين، والكشف عن المعوقات التي تواجه حِلَق تحفيظ القرآن الكريم ومعلميها والقائمين عليها، كما هدفت إلى بيان الأثر التربوي للحِلَق القرآنية لمرتاديها، والكشف عن الدور الفاعل الذي تقوم به الحِلَق القُرآنِيَّةُ في الحفاظ على الأمن الفكري.
وقد كانت الدراسة استطلاعية بطريقة المقابلة الشخصية مع بعض النماذج التي تخرجت من حِلَق القرآن؛ وممن برزوا في المجتمع، وظهر لهم أثر إيجابي جلي. وبطريقة الاستبيان للملتحقين وغير الملتحقين وممن تخرجوا منها.