حاورتها - مسعدة اليامي:
تتحدث لنا عبر نغمات هذا الحوار المتنوع بجمال حب العلم والمعرفة الثقافية، التي تسهم في عملية الاستدامة وترك الماضي والتعامل معه بمنطقية, الأديبة آن الصافي التي كتبت القصة, والرواية، والشعر، والمقال، وأدب الطفل، والناشئة, بنظرة إلى المستقبل القائم على العلوم العلمية، والأدبية، والإنسانية, ذلك التمازج الذي يحتاج إلى الكثير من الجهد, ولكن يظل الحب والشغف مسجلاً بصمته المتميزة للعمل الأدبي من الدوافع المهمة في حياة كل مبدع يشعر بالمسؤولية تجاه عمله, وذلك ما سوف نطرحه عبر هذا الحوار في إجابات الضيفة الملهمة في حقل الثقافات المختلفة.
* التنوع الثقافي جمال ولكن ماذا يعني لكِ ذلك, وأنتِ متعددة المواهب الأدبية؟
التنوع الثقافي سمة العصر وعن جدارة كل منا جزء من تمثلات هذا التنوع. مجملاً قد يأخذ التعريف منحى فهم صياغة المسمى وعن كثب بمنظور أدوات كل عصر ومعطياته. التعدد والتنوع كيف ولم وما هي الثقافة كتعريف دقيق وفي الوقت ذاته شامل. هنا يمكننا التوقف عند هذا المصطلح أو التعبير (الثقافة) كيف خدمت الغرض كمسمى عبر التداول، طوال الحقبات التي عرفت مفهوم حياة منذ الأزل وحتى اللحظة، بالقدر ذاته ما هو التنوع الثقافي وما فحواه وما هي تمظهراته. التأمل في هذا الشأن له متعته طالما هناك اكتشافات تتولد مع التعمق والتحليق في عوالمه. مجملاً هواية الكتابة تتميز بثقافتها وكل جنس من الكتابة له ثقافة تخصه وهكذا كل هواية لها خصوصيتها وربما قاموسها وأدواتها. عني أُشغل دوماً بشغف العلم والإبداع بعوالمهما غير المتناهية من بحث وقراءة ومتابعة ودراسة، ومؤكد اكتشافات حيثها فقط يمكنني أن أقدم أي عمل أستطيع أن أنسبه لمشروعي الذي أعمل عليه (الكتابة للمستقبل).
* عندما تحركت البوصلة الإبداعية الخاصة بكِ من أي ميناء أبحرت, وكيف كان موج القصة, والرواية والقصيدة، وأدب الطفل والناشئة, وكيف خلقت بيئة متوازنة لكتابة ذلك الاختلاف؟
نشأت على صداقة الكتاب بوازع من الأسرة وبدعم كامل أن أعبِّر عن ما يدور بخلدي عبر الحوار والنقاش والتفاكر. هذا الحيز من الحرية طوَّر علاقتي بالكتاب إلى التعبير الكتابي. حتى اللحظة لا أوقف تدفق ما يدور بذهني عبر الحرف وأي جنس أدبي يتخلق بذاته مع كل عمل إبداعي. بعض المواضيع تحتمل القصة القصيرة وبعضها رواية وبعضها ربما قصيدة نثر إن جاز التعبير، وهناك تعبير يوافق المقال الفكري الثقافي وهكذا. الحقيقة مجملها يعبِّر عن ذات العقلية وهي بين المتخيل والواقع تحمل فكرة ما وموضوع يستغل مساحة العمل ليملأه كما يتفق وطاقته وكذلك إطاره. أمر آخر أجده دوماً ذا أهمية كبيرة وهو فهم ثقافة كل جنس أدبي ومحاولات مستمرة أن يكون هناك ابتكار وتجديد على أن يكون إضافة للعمل وبشكل سلس وموضوعي.
* ماذا احتجت في رحلة الكتابة حتى ظهرت بالصورة التي تقنعك؟
المداومة على البحث والاطلاع والانفتاح في التلقي والنهل من شتى الحقول العلمية والأدبية والثقافية والفنية. كذلك السياحة ما أمكن والمحاولة المستمرة لفهم الثقافات بتنوعها وما يميز كل ثقافة، الأمر يتعلق بالتعمق في الجانب الإنساني لكل ثقافة تحديداً. من سمات الكتابة للمستقبل تقديم كل عمل إبداعي بشكل مبتكر كما ذكرت والتكرار في الغالب يسبب السأم ويعيق الإبداع. نحن في حقبة لم تشهد البشرية مثلها من قبل، تنوع الاختراعات والاكتشافات العلمية مع سرعة ويسر التواصل والتنقل والسفر ونشوء المدن الكوزموبوليتان والتي أعيش جل عمري على ربوعها، مجملاً هناك دوماً ما هو جديد من قضايا ومواضيع، ومن هنا نجد أثر كل ذلك في تفكير العقل البشري ومسار المجتمعات. لحظة الاقتناع بفكرة عمل ما أبدأ في وضع كل ذلك كخلفية آخذ منها ما يخدم الغرض من المشروع ومن ثم الاهتمام بتقنية السرد والتوجه للكتابة بتوليد الأفكار مع كل مفصل يتعلق بالعمل.
حدثينا عن علاقتك مع خير جليس وكم من الوقت تمضين معه سابقاً واليوم وكيف هي المكتبة الخاصة بك؟
كما ذكرت صديقي الصدوق منذ بواكير الطفولة هو الكتاب وحتى اللحظة. مع أدوات العصر الشاشة الإلكترونية تتسع لوضع آلاف الكتب وتناولها وتبادلها بشكل تلقائي ومبسط. القراءة بالنسبة لي أكسير الحياة ورافد مهم لرؤية الأمور بمنظور جديد وربما مكرر ولكن بصياغة جديدة. القراءة بتنوع من شتى الحقول والثقافات هدف وغاية بالنسبة لي وكذلك عوالم السينما والمسرح والمتاحف والمعارض الفنية... كلها روافد مهمة لآفاق التلقي. أحاول قدر المستطاع أن أقرأ بشكل يومي ومستمر وقد أعود لقراءة بعض الكتب، يهمني الكيف وليس الكم.
* كتاب جديد يساوي حياة جديدة، ماذا تعني لك هذه العبارة اليوم؟
تعني لي الكتاب هبة وعالم جديد ندلفه بفكرنا لنكتشف الجديد وهذا الجديد إضافة لنا في وعينا وتعاطينا مع الحياة. كتاب جديد يساوي حياة جديدة واحدة من عناوين مقالاتي التي نشرت في القافلة- النشرة الأسبوعية لموظفي آرامكو. كانت محطة مهمة وممتعة بالنسبة لي.
* ماذا تقصدين بالثقافة المستدامة وكيف تريدني أن تنمي ذلك من خلال مشروعاتك الثقافية المتعددة؟
استدامة الثقافة مفهوم ربما يبدو حديثاً، بدأ تداوله في العام 1995 ويعنى بكل ما يتعلق بالثقافة والموروثات المادية وغير مادية والحفاظ عليها وكيف انتقالها عبر الأجيال. نموذج التحف والآثار والمتاحف والمباني الأثرية وكذلك العادات والتقاليد التي أثبتت جمالياتها بتفرد. لكل ذلك أثر جيد في مسار البشرية ولكل ما تحمله من جماليات جوانب تتمتع بقيمة عظيمة، كيف الحفاظ عليها وتوريثها عبر الأجيال.
* مثال لتقريب الفكرة بشكل أدق، بالنسبة للموروثات غير المادية، توجد ثقافات أصيلة ومتميزة وبها خصائص متفردة مع الوقت وربما في بعض الظروف قد تضمحل جمالياتها وقد تفنى، ما دورنا تجاه هذه الثقافات؟ بعض الثقافات تتطور وهي تحمل في طيها قيمًا ومثلًا قوية وجمالياتها تضفي رونقا حولها، هل هناك يقين بأن تستمر هذا الثقافات في مسار التطور ومجاراة ما هو قادم من متغيرات العصر وهي تحمل هذه القيم والمثل دون تغيير مع هذا التطور؟
في الوقت الراهن تحديداً، البشرية أمام مأزق حقيقي، أمام التغير المناخي الدرامي وأمام الحروب وثورات الشعوب المطحونة وأمام جائحة عرت المجتمعات على الكوكب الأخضر. من هي الدول العظمى وما هو الاستعمار؟ أدوات الإعلام الجديد أدت دورًا مهمًا فألغت المسافات والحواجز بين الشعوب وتحققت نقلة نوعية في التواصل لنجد أن الهم الإنساني واحد، تمنينا في ظل جائحة كرونا أن يطيب الصديق والعدو علنا نعود للحياة التي نتمنى.
الحل الوحيد أمام الجميع العودة إلى الطبيعة والعودة إلى الثقافات الأصيلة، ببساطة لأن إنسان الثقافة الأصيلة عرف بسجيته وتجريب جدوده كيفية التعامل مع الطبيعة البكر بكل سلاسة وحكمة وتسامح.
إن اتفقنا على أن العلم أداة اكتشاف لخدمة الإنسان أي تسخير العلم لخدمة البشرية جمعاء، فلِم لا الجمع بين العلم والثقافات الأصيلة والموروثات القيمة في قوالب تحقق النجاح للمجتمع في الحاضر والمستقبل.
منطقتنا تنعم بثقافات زاخرة بجماليات قدمت من حضارات عريقة سابقة مادية وغير مادية استمرت بقوة لأنها أصيلة إن وثقنا بجدواها، لِمَ لا نحث على الأخذ بها ونشرها كل حسب قدرته في التعبير الإبداعي. بكل تأكيد هناك جوانب إيجابية عدة بدعم قطاعات استدامة الثقافة ليس فقط المحافظة على الموروث للأجيال القادمة ولكن أيضاً رفد عجلة الاقتصاد برافد مهم سيحقق نقلة ملموسة للدولة ومجتمعاتها.
نحن أمام بداية حقبة جديدة، الكتابة الإبداعية واحدة من أهم أدوات القوة الناعمة لِمَ لا تكون معبرة عن هذه الحقبة بعقلية واعية أين نحن وأين يجب أن نكون. مهم أن نثق في قدراتنا وفي ما نمتلك من كنوز ثقافية لغوية وموروثات غنية بدرر نحن أولى بالترويج لها عبر الإبداع والاستلهام من روافدها. هناك العديد من القضايا تتعلق باستدامة الثقافة من الممكن التطرق إليها عبر الأعمال الإبداعية والترويج لها.
استدامة الثقافة والثقافة المستدامة ثيمة أساسية في مشروع الكتابة للمستقبل. من القضايا التي تتناولها الأعمال الأدبية التي أقدم، الاحتفاء بالثقافات الأصيلة والطبيعة والآثار والعادات والتقاليد وقضايا البيئة وأسمي الكتابة في هذه المواضيع بـ»الكتابة الخضراء».
بالمناسبة، أتابع ما يحدث بهذا الشأن على أرض المملكة العربية السعودية الآن، أمر مهم وغاية في الرقي والتحضر، الاعتناء بالآثار وفتح الأبواب للسياحة لزيارة الأماكن التاريخية وإتاحة فرصة مشاهدة عروض حول العادات والتقاليد والموروثات العريقة في عروض إبداعية. كذلك فتح المتاحف وإنشاء مراكز متخصصة في ترميم الآثار والبحث والدراسة. مجملاً، دعم قطاع الآثار ومؤسساته والترويج للثقافات المحلية بكل السبل المتاحة أمر لافت ومؤكد لفتة بارعة وقيمة. كل هذا العمل، يعد من أدوات القوة الناعمة التي تروج للمملكة وتسابقها مع الزمن لدعم استدامة الثقافة، أهنئكم على ذلك.
* الكتابة عبر النوافذ الأدبية من صحف ومجلات عربية وخليجية ماذا أوجدت لك؟
قدمت إلى عالم الأدب بمشروع أدبي، فكري ثقافي، للتعريف بهذا المشروع كتبت أعمالاً سردية ونشرتها وبالتوازي نشرت مقالات وأوراق فكرية ثقافية. عنونت المقالات والأوراق الفكرية الثقافية بمسمى المشروع (الكتابة للمستقبل). وجدت من المهم أن أنشر هذه المقالات عبر الصحف والمواقع الإلكترونية المتخصصة للتعريف بهذا المشروع. وجدت أن هذه الآلية هي الطريقة المثلى للتعريف بشكل تلقائي بفحوى المشروع.
بعد نشر عملي الأول، دأبت على كتابة هذه المقالات والأوراق وبدأت بالتواصل ببعض الصحف والمواقع ووجدت بحمد الله الموافقة ومن ثم وجدت مساحة جيدة للقاء بالقارئ وكتاباتي. هنا عليَّ أن أذكر تجربتي في النشر عبر صحيفتكم الراقية الجزيرة، حيث وجدت الترحيب بنشر مقالاتي وأوراقي عبر الملحق الثقافي واحدة من أهم التجارب التي أعتز بها وكما ذكرت أيضاً وجدت بالمملكة العربية السعودية مساحة لأطل على القراء بمقالاتي بشكل أسبوعي مع نشرة القافلة بأرامكو، لجميع العاملين بالجزيرة والقافلة شكري وتقديري.
ولجت عالم الصحافة من بوابة كتابة المقالات كيف رأيت ذلك وهل حقق ذلك النشر الأهداف التي كنت تتأملين الوصول إليها؟
الكتابة للمستقبل هو المشروع الذي أعمل عليه، المقالات والأوراق التي نشرت وأنشر تقع ضمن هذا المشروع ومهمتها التعريف بسمات هذا المشروع. بحمد الله وفقت لحد كبير في أن أصل لعدد كبير من القراء والمهتمين وأوصلت أفكاري وأعمالي لمساحات كبيرة وفي وقت جيد. قمت بتجميع الأوراق والمقالات المنشورة ووضعتها في كتاب عنونته بـ(الكتابة للمستقبل) وحتى اللحظة نشر 3 أجزاء من هذا الكتاب بفضل الله وتوفيقه والآن أعد لنشر مقالات وأوراق الجزء الرابع إن شاء الله.
* ما أهم القضايا الأدبية العلمية التي ناقشتها من خلال كتاباتك المختلفة, وهل لا زلت مقتنعة بأن العلوم الإنسانية تعمل على التكامل؟
الكتابة للمستقبل تعنى بمناقشة أي موضوع اجتماعي بمنظور علمي وثقافي ومحاولة تشريحه وتحليله بموضوعية ما أمكن. في واحدة من الأوراق -مقال التي نشرت عن التعليم الافتراضي وذلك قبل جائحة كورونا، من ضمن التعليقات التي ذكرت لي حينها، بمعنى أني أكتب لمجتمعات بعيدة عنا وكان ردي ماذا يفصلنا عن هذه المجتمعات وهل الدراسة الافتراضية حكر على مجتمع دون آخر وإلى متى؟ مع جائحة كورونا وبشكل عملي اتضح إمكانية كل دولة لمواكبة ما سببته الجائحة.
حينما تعمل العلوم الإنسانية بشكل متكامل، ستستفيد المجتمعات بتنوعها ليس فقط لإتاحة قدر جيد من الحلول ومعالجة القضايا المطروحة بل فهمها وتشريحها ومعرفة كيف الاستفادة من العلم بشكل يخدم جميع المجتمعات بتنوعها الثقافي.
* منتدى الرواية السودانية الرقمي, كيف ترين ذلك المشروع اليوم, وهل حقق شيئًا مما يطمح له القائمين عليه؟
منتدى الرواية واحدة من المشاريع المهمة في الساحة الثقافية والأدبية في السودان، تولدت فكرته لدى محمد الخير حامد ودعمها. عدد كبير من الكتاب والمثقفين، وتشرفت بأن أكون ضمن فريق الإدارة بالإضافة لمحمد الخير حامد، والدكتورة مواهب إبراهيم والدكتور عاطف الطيب والدكتور جمال الدين الحاج. في غضون عامين ونصف نوقشت قرابة الـ40 رواية جلها لكتاب من السودان ممن يقيمون داخل الوطن والمهاجرين منهم. كما نوقشت 5 أعمال لكتاب من دول الجوار الذين يكتبون بالعربية، كتاب من جنوب السودان وتشاد واريتريا وتونس.
المنتدى يعمل بشكل مستمر -الحمد لله- وأنشأ قاعدة جيدة من المتابعين والمشاركين في المشهد الثقافي من قراء ونقاد. بالإضافة لنقاد من السودان انضم إلى ندوات المنتدى أسماء وقامات مهمة من الدول الشقيقة منها المملكة العربية السعودية، الجزائر، المملكة المغربية، مصر، سوريا، لبنان، تونس، اليمن...
كل ندوة تعد مؤتمر علمي يختص بالعمل الروائي المناقش، حيث تقدم أوراق وقراءات لكل عمل يعرض عبر جلسة تطبيق الزووم وأخرى عبر مجموعة بتطبيق الواتس آب. تحقق وبشكل تلقائي تقديم عدد جيد من أسماء الروائيين وأعمالهم وكذلك النقاد.
منذ البدء كنا نأمل بتغطية فجوة بين المبدعين في مجال السرد الروائي بين أبناء السودان داخل وخارج الوطن وكذلك التعريف بهم للمهتمين من قراء ونقاد في الدول الشقيقة، ولله الحمد تم لنا الأمر ونأمل بالمواصلة والنجاح في جهودنا إن شاء الله.
* قراءة الرواية السودانية عبر المنصة الرقمية من قبل مختصين وغير مختصين, هل ذلك من أهداف المشروع وما هي الفائدة من قراءة غير المختص؟
القراءة مفتوحة لكل من يرغب من أي مكان، الهدف الرئيسي التعريف بكتاب الرواية من السودان وأعمالهم، كسب أصدقاء من المختصين نعتبره إضافة بلا شك وكذلك غير المختصين هم إضافة أيضاً تسعدنا، القراءة في حد ذاتها قد تضيء لذات الشخص مكانًا ما في تفكيره وقد تكون سببًا لأمر جيد في حياته. بعض المتابعين من غير المختصين مع الوقت قد يجد في نفسه القدرة على الكتابة أو حتى تقديم قراءة عن الأعمال المقدمة بشكل جيد وهذا ما حدث مع بعضهم في منتدى الرواية. حتى وإن لم يحدث ذلك، فمجرد الاهتمام بما يقدم هو في حد ذاته ظاهرة جيدة. لقد بدأت ندوات منتدى الرواية مع الأشهر الأولى من جائحة كورونا، واستمرت حتى اللحظة والحضور -ولله الحمد- جيد مع كل ندوة.
ذكرت أن علينا التفكير في كل ما هو جديد وخاصة في العلم وترك التباكي على الماضي, كيف يكون ذلك وماذا تقصدين بالماضي؟
* فلنعكس المقولة، علينا التباكي على الماضي ولا يجب أن نفكر في كل ما هو جديد وعلى وجه الخصوص العلم...ما هي النتيجة؟
الماضي ما سبق الحاضر، التباكي على ما كان والوقوف عند كنا ولم نكن..الحاضر كان مستقبل الماضي وكل ما فيه نتيجة لما قدم في الماضي وعليه، اليوم سيكون ماضيًا للمستقبل فماذا قدمنا للمستقبل.
من المهم فهم الماضي بشكل موضوعي لنفهم قضايا الحاضر. مستجدات الحاضر تطلب الأخذ بالعلم وأدوات العصر طالما كان ذلك في مصلحة المجتمعات وتعاطيها مع قضاياها.
من أسباب نجاح المجتمعات والدول الاحتفاء بجماليات الثقافات المحلية لكل مجتمع مع الأخذ بالعلم وتطوره في خدمة المجتمعات. هذا يتطلب حسن إدارة ودرجة جيدة من الوعي بأهمية الانفتاح على العلم والموازنة بتسخيره للاستفادة القصوى بكل جديد يقدم لفائدة الفرد والمجتمع.
* ذكر الروائي أمير تاج السر أن قوة الرواية في الفكرة، والبداية القوية، والكتابة اليومية حتى ينتهي العمل, أنت كروائية ماذا تقولين؟
تحية للأستاذ القدير الدكتور أمير تاج السر، رؤيته حصيفة وتوافق قناعته مؤكد. كل كاتب لديه ربما آلية يعمل بها ويتقن عمله من خلالها وله قناعته بتقديم الجودة التي يرتضي بخطوات يتبعها.
عني، قضية العمل وتقنية السرد والجديد المبتكر في العمل المقدم بشكل موضوعي وغير مقحم بحيث يشكل إضافة لجماليات العمل الروائي. من المهم إعادة القراءة بفترات متفاوتة ومن ثم حين أشعر
* ما هي التقنيات التي تستخدمين أثناء كتابتك للرواية, وهل أنت مع الورش, والدورات للكتابة الإبداعية؟
بعد قراءات ومشاهدات وربما حوارات أو حدث محدد تتشكل لدي فكرة ورؤية عن قضية ما، حينها أكون قد وصلت لقناعة بهذه الرؤية ومن ثم أضع عنوان العمل الجديد، بعدها تتشكل لدي الشخوص وتفاصيل كل شخصية ودورها، ومن ثم أنسج العمل السردي عبر مشاهد ونقلات. أقرأ العمل في عدة مراحل حتى اكتماله. أعيد قراءته من حين لآخر، إن اقتنعت بما هو عليه، عادة أعرضهُ على قائمة من الأصدقاء المقربين، وهم ذوو خلفيات ثقافية متنوعة، وأنتظر رأيهم. ليس بالضرورة أن أركن لاقتراحاتهم ولكن المهم أن استمع لقراءة كل منهم من زاويته وذائقته، بعدها قد أضيف أو أعدل بما يوافق ثيمة العمل المقدم. الورش مهمة وكذلك دورات الكتابة أيضاً مهمة، كلها إضافة للكاتب حتى وإن لم يعمل بها المهم أن يطلع على تلك المساحات المتوفرة فهي بحد ذاتها تجارب تحسب له. لا أتردد أبداً في الانخراط في الورش وكذلك المشاركة في دورات الكتابة الإبداعية وعادة أتعلم الكثير وأوسع نطاق معرفتي بشكل تلقائي.
ما هي أهم إصداراتك, وما الجوائز التي حصلت عليها، وما هي تطلعاتك المستقبلة لمشروعاتك الأدبية الخاصة, والمشروعات القائمة على الشراكة, والعمل التطوعي؟
بحمد الله وتوفيقه حتى اللحظة نشر لي كتاب فكري ثقافي (الكتابة للمستقبل) في 3 أجزاء وكذلك 3 مجموعات قصصية و10 روايات. إلى جانب عدد من المقالات وقصائد النثر، إن جاز التعبير، في الصحف والمواقع المتخصصة. لا أستطيع أن أحدد أهم ما نشرت فكل ما أقدمه جزء من مشروع أسعى لأن أجعله متكاملاً بإذن الله. بالنسبة للجوائز والتكريمات، بحمد الله وفضله، في مارس 2016 حظيت بتكريم صحيفة الرأي العام السودانية على مجمل أعمالها. كما كرمت من قبل الهلال الأحمر الإماراتي ونالت لقب شخصية تطوعية مبدعة في نوفمبر 2019. في فبراير 2022، حظيت بالمركز الثاني في فئة القصة القصيرة في جائزة الطيب صالح العالمية للإبداع الكتابي، عن المجموعة القصصية (المسائل)
عملي التطوعي مستمر في عدة مبادرات وحقول، دوماً هناك مساحات للعمل الإنساني تنتظر تكاتف الأيادي وهذا جزء من ثقافة مجتمعنا.
* أنت مؤمنة بالبصمة فهل قدمت بصمة خاصة بك اليوم في مشوارك الأدبي؟ وماذا تودي أن تقولي للكاتب الروائي من دولة السودان, وخاصة الذي لا تخلو رواياتهِ من ويلات, وعذابات الحرب, رغم جمال اللغة, والطبيعة التي تصل عبر الوصف السردي؟
البصمة عادة يعبر عنها ويعلنها القارئ والناقد حين توجد لدى كاتب ما. عني أشتغل على مشروعي الكتابة للمستقبل آمل بتقديمه بشكل مرضي عبر النصوص الإبداعية والأوراق والمقالات الفكرية الثقافية وما توفيقي إلا بالله. كل كاتب روائي إلا ولديه ثقافته وعالمه وقناعته وهمومه ويترجم كل ذلك عبر السرد. أياً كان موضوع الكاتب طالما يحمل عمله قضية وهم إنساني نبحث عن جماليات نصه. مجملاً الكاتب المبدع الذي يشغله هم مجتمعه هو أداة مهمة لنقل الواقع عبر أعماله الإبداعية ويعتبر سفيراً لهذا المجتمع.