ظهر مصطلح (الصحوة) وبالإنجليزية (awakening)، وهو مصطلح مثير للجدل خصوصاً عند أولئك الصحويين الذين آمنوا برجوع الخلافة وظهور المهدي وعملوا على ذلك سنين طويلة، فقد ظهر مع الألفية الثانية ظهور مصطلح الإرهاب الذي ابتكرته الإدارة الأمريكية من أجل محاربة الإسلام والمسلمين في كل مكان، فلم يكن من إدارة بوش الابن إلا أن شنت حربًا شعواء ضد الإسلام السياسي كما يسمونه أتباعها واختلقت الأعذار لغزو أفغانستان والعراق بحجة الإرهاب، فليس من المستغرب أن يقوم الليبراليون الذين يحبون أن يتغنوا بالفزعات الأمريكية في المنطقة ليس من المستغرب أن يعتبروها حرباً مقدسة ضد قوى الشر.
غير أن الصحوة التي أتحدث عنها في هذا المقال غير عن كل مما سبق، إنها صحوة حضارية مستوحاة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، إضافة إلى نهج السلف الصالح الذين جسدوا لنا الدين الإسلامي كأحسن ما يكون. إنها صحوة قائمة على رؤية جديدة مفادها خدمة هذا الوطن وشعبه، ولأن هذه الصحوة قائمة على البذل والعطاء من قبل القيادة والشعب في وئام خاص تجسده رؤية سمو سيدي محمد بن سلمان آل سعود صاحب رؤية 2030، وأعتقد أن هذه الرؤية المباركة ستكون رسالة واضحة للصحويين من أجل صحوة حضارية جديدة.
ليس من الغريب أن يدعو ديننا إلى العمل وينفر من البطالة والكسل، وهذا واضح في كل الأحاديث المروية عن النبي صلى الله عليه وسلم فقد كان يستعيذ بالله من (العجز والكسل و...) إلى آخر الحديث، ولعل ربط الرؤية الجديدة لسمو ولي العهد بالعمل والإنجاز والابتكار لهو شيء عظيم جدًا، فليس من وطن ينهض على كفوف الأغراب أبداً، فنحن في حاجة إلى سواعد أبناء الوطن الذين أفنوا حياتهم في بناء هذا الوطن الشامخ، وفي حاجة إلى العقول النيرة في هذا الوطن.
من الأشياء المقززة صراحة وجود بعض المحسوبين على هذا الوطن وهم لحسن الحظ قلة ممن اعتادوا على تثبيط العزائم وتحطيم الجهود، وهم يحاولون التقليل من أهمية الرؤية الجديدة التي سيبنى عليها الوطن، وللأسف فإن بعض المحطمين لهم في الصحافة والإعلام الموجه باع طويل وهم أذكياء جدًا في اختلاق الأعذار وتثبيط الهمم وما إلى ذلك من وسائل رخيصة.
يظل الإعلام المكتوب والمشاهد يلعب دورًا في توجيه الأمة بكاملها، وعلينا نحن أن نلاحظ أهمية هذا الإعلام في توجيه الأمة باتجاه الطريق الصحيح الذي لا تضيع بعده أبدًا، ولعل وجود بعض الإعلاميين الذين يقومون بدور الناصح وهم بريئون من ذلك الدور يثبطون العزائم وربما اشتروا بعض الذمم لأجل النيل من نهضة هذا البلد وصحوته الحضارية.
إنه من النعم العظيمة التي مَنَّ الله بها على هذه البلاد وجود قادة بحجم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وهو من محبي القراءة والابتكار، ولا يخفى على أحد حجم الثقافة التي يتمتع بها خادم الحرمين، وهو إلى ذلك حريص على توعية شعبه وأبنائه نحو هذه النهضة الجديدة التي تعيشها المملكة العربية السعودية.
لقد عانت الصحافة السعودية من الجمود فترة من الزمن كان الصراع فيها محتدماً بين الصحويين وأولئك الذين طرقوا باب التغريب ظناً منهم بأن هذا الطريق هو طريق الليبرالية والتقدم والحداثة، والعكس صحيح فليس كل ما هو غربي ليبرالي أو تقدمي، فهناك أيضاً الغرب المتزمت والمتخلف، ولكن يظل الجو السائد في الصحافة هو جو العقل والعقلاء، جو الالتزام بالكلمة الصادقة والخبر الصادق الصحيح.
كل أولئك الذين اعتقدوا أن الصحوة الإسلامية هي مع اقتحام الحرم المكي الشريف، وأيضاً في تفجير الخبر، كانوا على خطأ كامل، فقد جرت هذه الصحوة الإسلامية الكثير من الأخطاء والهفوات والهنات هنا وهناك والتي كانت سبباً في قتل الكثير من الأبرياء، كما كانت هذه الصحوة في انقسام مع نفسها وخلاف مع بعضها البعض، ولكن تظل الصحوة هي صحوة حضارية صرفة ولها رؤية واضحة وطريق واضح لا لبس فيه أبدًا.