علي الخزيم
فئة غالية من أبناء المجتمع مُبتلون بمرض يُسمَّى التوحد أو (الذاتوية)، وهو عند العرب قديماً يُعرف بمسميات مثل (الفصام) ونحوها؛ غير أن أرباب الطب الحديث الغربيين ممن استفادوا من قواعد وأسس الطب العربي الإسلامي أخذوا يطلقون مُسمَّيات تَنْسب الاكتشافات لهم دون غيرهم كقولهم (متلازمة فلان)، ويشار إلى حالة التَّوحد بأنه نتيجة لواحدة أو أكثر من اضطرابات طيف التوحد وأنواع اضطراب النمو، وقد يمكن تعريفه بأنه: اضطراب النمو العصبي المُتَّصف بضعف التفاعل الاجتماعي وطرق التواصل عامة، وبأنماط السلوك المقيدة المتكررة، ودولياً تم الاتفاق على تحديد الثاني من فبراير من كل عام يوماً للعناية والاهتمام بهذه الفئة المصابة بحالات (الذاتوية)، وبرأيي أن تحديد يوم واحد لاستذكار فئة أو ذوي قربى كالأم والأب؛ أو يوم الوطن ونحو ذلك هو تقصير بهذه المعاني الجليلة السامية، فالوطن مثلاً هو بقلوبنا مدى العمر وقبله وبعده، والوالدان هم بعيوننا وأحاسيسنا ما حيينا ونوصي أنجالنا بالإحسان لهم بالدعاء والصدقات بتفرعاتها، فإن كان تحديد اليوم للتذكير والتأمل وتجديد التفاعل وشموليته وتطويره وترسيخه بأذهان الأجيال فأهلاً به، أما إن كان للاحتفاليات العابرة ثم نسيان الموضوع إلى العام القادم فهذا من طرق إضاعة الجهود والأموال والوقت سدى بلا فوائد مأمولة من الحدث ذاته.
ومملكتنا - زادها الله سبحانه عزة ورفعة - لا تدَّخر جهداً يخدم هذه الفئة كونهم جزءاً من المجتمع السعودي الذي توليه القيادة العادلة الرشيدة كل الاهتمام؛ فالمجتمع هو الوطن والوطن هو الحاضن الكريم بإطار من رؤية ثاقبة تنشد المجد والرقي والرفاهية لكل مواطن ومقيم، ولا أدل على هذا من صدور توجيهات سامية كريمة بزيادة عدد المراكز المتخصصة لعلاج اضطرابات التوحد، ومبادرات سمو ولي العهد أيده الله بإنشاء برنامج الأمير محمد بن سلمان للتوحد فأثمر افتتاح عدد من المراكز المتخصصة موزعة بين عدد من المناطق، فالمملكة بمؤسساتها ومراكزها المتخصصة تنشط مع دول العالم بهذا الشأن الاجتماعي خدمة لهذه الفئة من المجتمع، وتهتم بتوفير أعلى سبل التدريب والتحديث تحقيقاً لهذه الغاية، ودعم رفع معدلات التكافل الاجتماعي والعمل الجاد المنظم لرعايتهم امتثالاً لنهج ديننا الإسلامي الحنيف وما تمليه المسؤولية الاجتماعية، وجهود (مملكة العز والعزم والإنسانية) تبدو جلية وبارزة للقاصي والداني بكل مجالات الخير والسلام؛ فقد سبق أن صرح أحد المديرين التنفيذيين لجمعية التوحد الأمريكية (د: سكوت باديسش) بأن المملكة تملك رؤية تنموية شاملة وواضحة هي رؤية 2030 التي تضع ضمن بنودها الكثير من البرامج والمبادرات التي تهتم بالمعوقين وذوي الاحتياجات الخاصة وتنمية قدراتهم على المستوى الصحي والتعليمي والاجتماعي.
وفي كل الأحوال فإن من المهم جداً نضج الوعي المجتمعي ورفع درجات التفهم لأحوال هذه الفئة من حيث التعرف المكثف على أسباب الحالة ومن ثم الوعي بالخصائص والأعراض المميزة لها، ويشير متخصصون إلى أنه من المهم استيعاب نصائح محددة مفيدة تُقلل من حيرة العائلات حول كيفية التعامل قدر الإمكان مع الطفل المتوحد، وتحسين سلوكه، ويمكن الاطلاع عليها بمواقع المراكز الطبية المتخصصة.