عبده الأسمري
يتجه الإنسان وفق فطرته السوية والتزامه بالهوية إلى الالتزام بأصول الحفاظ على قيمته التي يعتز بها وتعكس مكانته ومكانه في «موازين» الحياة.. ويسهم الانضباط في «صناعة» القيمة الحقيقة لكل شخصية وفق «المدارك» التي تنتج عنها «المسالك»..
يسعى الإنسان إلى الحفاظ على مقتنياته ويدافع وينافح ويكافح في حماية هذه الممتلكات التي تخصه ومنع الغير من الاستيلاء عليها سواء كانت محسوسة أو ملكية فكر وإنتاج ذات لذا ظل البشر في «صراع» مشترك و»دفاع» حتمي عن كل عنصر ينتمي لمجموعة الفرد أو أي ممتلك يرتبط بكتلة الجماعة.
كل ما زاد ثمن المقتنى الخاص بالإنسان ارتفعت مستويات «الحفاظ» عليه وتزايدت معدلات «الاهتمام» به وعادة ما يخبئ البشر «المقتنيات» ذات الثمن الباهظ ومثال ذلك أن متاجر «المجوهرات» و»الألماس» تحفظ «الأنواع» العالية الأثمان بطريقة دقيقة مما يؤكد أهمية موازين «القيمة» حتى للقطع الجامدة حفاظاً عليها من السرقة أو التخريب.
وعلى النقيض أيضاً فإن «الباعة» الجائلين على ناصية «الشوارع» يتركون بضاعتهم مكشوفة وقد تكون عرضة للسرقة أو الضياع نظراً لأن قيمتها «زهيدة» الثمن وغير محفوظة الأمر الذي يجعلها واضحة وجلية أمام العابرين والسائرين وإذا ما ظلت على تلك «الأرصفة» فإنها قد تبور.
منذ الأزل ظلت «الأميرات» في عصور الدولة الإسلامية وحتى في أوروبا وآسيا معروفات باللبس المحتشم «الساتر» حتى أن بعضهن وهن في بلاد الكفر يلبسن «القفازات» ويضعن الخمار على رؤوسهن ويضعن كل البروتوكولات الصارمة في الخروج أمام البشر وعدم الدخول في ممارسات «الرقص» أو «الابتذال» في المحافل التي تقام على شرفهن مما يعكس أن القيمة تكمن في الستر ومواءمة ذلك مع «ثمن» المكانة و»علو» الشأن.
في كل القصص والحكايات والوقائع وحتى في «مشاهد» الدراما والسيناريو المتوارث ظهرت صور «الجواري» و»الراقصات» و»الهائمات» على وجوههن بأنهن من يلبسن اللباس المتعري والواقفات دوماً على عتبات المراقص وأمام مسارح اللهو الأمر الذي يؤكد مقدار «القيمة» لهن من خلال اللباس والسلوك..
في عالم التسوق وأبعاد الشراء يمتنع المتسوقون من «شراء» البضائع المعروضة والتي تعرض أمام الزائرين والمشترين نظراً لأنها باتت عرضة للمشاهدة والعرض وعندما تقوم «المتاجر» بعرض تلك البضاعة فإنها تضع عليها «تخفيضاً» خاصاً للشراء نظراً لأنها قد شوهدت وكانت موضع «الشرح» وانكشفت ملامحها وتقادم شكلها وتغيرت جودتها..
إذا كان الحديث عن «المرأة» فإن «العفة» و»الاحتشام» و»الستر» و»الحجاب» مؤشر واضح ومقياس مؤكد ومعيار أكيد لمعنى «القيمة» الثمينة لها لأنها إن انكشفت باتت مثل «السلعة» المعروضة التي يقل ثمنها وينخفض مقدارها وبالتالي فإن موازين «الثمن» تعتمد على «الحفاظ» وتتعامد على «المحافظة» الأمر الذي يؤكد أن ارتفاع «القيمة» من علو «المقام» الذي تصنعه أصول «القيم»..
سعوديات محتشمات كن سبباً في دخول العديد من المعتنقات لديانات أخرى في الإسلام بعد أن شاهدوا «المعنى» الحقيقي للعفاف الذي يعطي المرأة كل حقوقها وشتى مطالبها والدليل عالمات منقبات حصدن أعلى «الدرجات» العلمية من عقر دار أوروبا وأمريكا وأستراليا وأخريات نلن شرف المناصب الكبرى في الوزارات والهيئات والقطاعات وحتى في «مختبرات» البحوث بالغرب.
هنالك سوء فهم وتخلف ورجعية في فهم معنى «الحرية» الذي جعل من «التبرج» والاسترجال اتجاهاً إلى الوجود «الوهمي» ولفت الأنظار البائس والدليل تؤكده «سجلات» العيادات النفسية التي باتت تستقبل الكثير ممن خلعوا «رداء» الحياء لتنفيذ أجندات «نسويات» مريضات القلوب ومعتوهات العقول لذا فإن نقص «القيمة» الواقع بسبب التخلي عن «القيم» خفض «الثمن» وفق العد التنازلي والذي يستقر في النهاية إلى «الرخص» في كل اتجاه لأنه قائم على «التقليد» الذي يخالف «الأصالة».
الميزان الحقيقي لثمن «الإنسان» ما يسجله من سلوك وما يبقيه من أثر وما يخلفه من ذكر وتبقى القيم «الناتج» المؤكد و»القاسم» المشترك» والعدد الصحيح لرفع القيمة وارتفاع المقام وعلو الشأن واعتلاء المكانة.