عثمان بن حمد أباالخيل
يتعب كثيرًا من يأخذ ما يسمع أو يقال له بجد، فهناك كلام لا يعني شيئًا والإنسان المدرك يعرف جدية وخلفية الناس الذين يتعاملون معه. كلام الناس مجرد كلام، والناس ألوان، البعض يَصدُق، والبعض يَكذِب والغالبية ينطبق عليهم المثل الذي يقول، (أَسْمَعُ جَعْجَعَة ولا أرى طحنا). وهو يقال: لمن يكثر من الكلام ولا يعمل ويكثر من الوعود ولا ينجز، وما أكثرهم من حولنا وربما يكونون قريبين منا جدًا. لأفعال دائماً أبلغ من الأقوال. صدق ما تراه وأنسى ما تسمعه، هذا ما قاله ويليام شكسبير. للأسف الأقوال أكثر جرأةً من الأفعال، وهذا هو الطابع العام في المجتمع. في الواقع الأفعال والأقوال فهما يكملان بعضهما بعضًا فلا قول بلا فعل ولا فعل بلا قول، معادلة واقعية إذا استخدمت صحيحاً، وهذا ما أشك فيه. وفي رأيي الشخصي الإنسان المدرك الذي يحترم نفسه يزن كلامه ويحاسب على أقواله ولا يترك لسانه يغرد في بحور الكذب والنفاق.
هناك حكمة قديمة تقول: ان نندم على الصمت أفضل من أن نندم على الكلام، وهذا ما يجعل الإنسان سعيدًا في علاقاته مع الآخرين المبنية على الثقة في كل أحواله، والثقة لا تتجزأ. كما أن الشمس لا تشرق في اليوم مرتين فلا تكرر ندمك حين تثق بالآخر مرتين. من الأفضل أن يقال عنك متردد، لماذا لا تعطيه الثقة إذا كان ليس أهلاً للثقة. مصيبتنا الأقوال أكثر من الأفعال، لست مبالغاً لكنه هذا هو الواقع الذي يعيشه غالبية الناس ومن له رأي آخر فليفكر كثيرًا في قناعاته. كثيرون يلجؤون للكذب في الوعود قبل أن يجربوا حلاوة الصدق في الوعود وردة فعلها عند الطرف الآخر، غريب أمر هؤلاء. كم هو جميل أن نعرف حقيقية صدق قول الطرف الآخر عندما يتكلم عن طريق لغة الجسد، لكن للأسف ليس هناك الكثير من يعرف هذه اللغة التي أؤمن بها وأطبقها في حياتي الشخصية.
«ليست حقيقة الإنسان بما يظهره لك، بل بما لا يستطيع أن يظهره لك، لذلك إذا أردت أن تعرفه فلا تصغ إلى ما يقوله بل إلى ما لا يقوله»، هذا كما قال «جبران خليل جبران» فئة كثيرة من الناس تدرك أن ما يقوله الطرف الآخر ليس صحيحًا فهو يخفي ما يود أن يقوله وأنت تعرف ذلك من خلال تعاملك معه. للأسف مرة أخرى هناك من يكذب على نفسه ويجبرها أن تصدق ما يقال لها وهذا مخالف للواقع الصحيح عند الإنسان المدرك إنه يجب أن تسبق الأفعال قبل الأقوال. في النهاية نحن نجامل مع كذبنا على أنفسنا، ونعد بمواعيد عرقوبية. في تفاصيل حياتنا علينا ألا تجبر الآخر على الكذب وتقديم الأقوال التي لا يستطيع تنفيذها وذلك من واقع معرفتنا وقربنا منه.
همسة: جميل جدًا أن يكون الإنسان متزناً في أقواله وأفعاله.